لقاح جديد يحمي من بعض أنواع سرطان عنق الرحم

يعتبر سرطان عنق الرحم سبباً رئيسياً لوفاة العديد من النساء في العالم في كل عام، وهو يتطوّر من تشقّقات ما قبل السرطان الناتجة عن فيروس «ايتش.بي.في». وحالياً، تعمل بعض الشركات على تطوير لقاح يحافظ على الرحم ويحميه من السرطان لوقت طويل، ما يفتح باب الأمل. ما هو هذا اللقاح الثوري؟ وكيف يمنع السرطان؟

«سيدتي» حاورت الاختصاصي في الجراحة والطب النسائي الدكتور فيصل القاق، حول اللقاح الجديد ومنافعه وطريقة عمله:

- ما هي الفيروسات المسؤولة عن سرطان عنق الرحم؟

إن الفيروس الأساسي المسبّب لسرطان الرحم هو «البابيوما فيروس». وهناك فحص المسحة المهبلية أو ما يعرف بـ «فحص الزجاجة» الذي يجب أن تخضع له النساء دورياً، ويسمح باكتشاف الإلتهابات التي تنتقل بواسطة العدوى الجنسية والتي تكون في حالة من الركود في خلال الأيّام العادية، لكن من الممكن أن تتطوّر وتتحوّل إلى تشققات ما قبل السرطان. وإذا لم يتم العلاج في الوقت المناسب، يصاب عنق الرحم بالسرطان. وفي 80 في المائة من الحالات، يعتبر وجود هذا الفيروس غير سرطاني، ولكن هناك مجموعة من أنواع هذا الفيروس تسبّب السرطان، وفي مقدّمتها: الـ «اتش.بي.في.16» وهو المسؤول عن نحو 60 في المائة من الإصابة بسرطانات عنق الرحم، ويليه   «اتش.بي.في.18» وهو مسؤول عن 10 في المائة من هذه السرطانات.

- ماذا عن اللقاحات الحديثة؟ وما هو مدى فاعليتها؟

إن الحماية تؤمّن من خلال اللقاح الذي بدأ استعماله حديثاً، علماً أنّه يقي من أربعة أنواع من الفيروس أي تلك المسؤولة عن ثآليل الرحم 6 و11، سرطان عنق الرحم «اتش.بي.في.16» و«اتش.بي.في 18». وتمّت تجربة هذا اللقاح على 12 ألف امرأة تتراوح أعمارهن ما بين 16 و26 سنة من 13 بلداً مختلفاً، علماً أن هذه الفئة لم تكن مصابة بفيروس «البابيوما». وقد تناول نصف هؤلاء النساء 3 دفعات من اللقاح، فيما لم تتناوله 6 آلاف بينهن. وبعد 17 شهراً من المراقبة، تبيّن أن المجموعة الأولى التي تناولت هذا اللقاح لم تتعرّض للتشققات التي تؤدي الى السرطان، فيما 21 امرأةً من المجموعة الثانية أصبن بالتشققات ما قبل السرطان، ما يؤكد فعالية هذا اللقاح. ولعلّ أهميته تكمن في غياب الأعراض الجانبيّة له، إلا أنّه يترك آثاراً جلدية بسيطة مكان وخز الإبر، والعمل جارٍ حالياً على تطوير اللقاحات أيضاً.

 

3 دفعات

- من يستفيد من هذا اللقاح؟ وهل يحتاج إلى جرعات تذكيرية؟

ينصح بتناول هذا اللقاح من قبل المراهقات، قبل الزواج، وإن كنّ لا يعانين من أيّة أمراض لأنهن قد يكنّ معرّضات للإصابة. وتجدر الإشارة إلى أنه في دول أوروبا، سمح  بإعطاء اللقاح للفتيات ابتداءً من سنّ 9 سنوات، وفي أماكن أخرى ابتداءً من سنّ 14 سنة. ومن الممكن أن تستفيد منه الفتيات اللواتي تتراوح أعمارهن بين 11 و26 سنة لأن جهاز المناعة يكون قادراً على التجاوب بشكل أفضل، وبالتالي تأمين الوقاية والحماية.

وقد ركّزت دراسة على أهمية إعطاء اللقاح على 3 دفعات، تمتدّ على فترة 6 أشهر. ورغم أن النتائج جيدة جداً، وتخفّف من نسبة الإصابة بسرطان عنق الرحم، إلا أنّه مايزال من الأسباب المؤدية إلى الوفاة لدى النساء، في العديد من البلدان النامية. وقد بيّن استطلاع  جهل العديد من المراهقات المتزوجات لسرطان عنق الرحم.

- كيف تتمّ العدوى بسرطان عنق الرحم؟

إن سرطان عنق الرحم هو تطوّر التهابات معيّن يعرف بـ «البابيوما فيروس» قد يستغرق نحو 20 سنة، علماً أن هذا الالتهاب يصيب الفتاة في خلال الفترة الأولى من الزواج، ويمكن التخلّص منه بطريقة طبيعية تلقائية، بعد السنتين الأوليين من العلاقة الزوجيّة. ولكن في معظم الحالات، يكون من غير الممكن التخلّص منه فيتطوّر الى نوع من الالتهابات التي تؤدي الى سرطان عنق الرحم، علماً أن استخدام الواقي الذكري لا يحمي من العدوى بشكل تام، لأن هناك منطقة جلدية لا يغطيها فتعيش فيها الفيروسات.

 

إلتهابات

- كيف يؤثر هذا الفيروس على مستقبل المراهقات؟

إذا كانت المراهقة تحمل هذا الفيروس، فأنها ستعاني منه على المديين المتوسّط والبعيد: فعلى المدى المتوسّط، تعاني المراهقة من التهابات يمكن معالجتها بعملية جراحية بسيطة، ولكن نتائجها قد لا تكون جيّدة، خصوصاً إذا تبعها حمل. وهي غالباً ما تؤدّي إلى الإجهاض والولادة، قبل الأوان.

- هل من عوامل خارجية أخرى تؤدي إلى تطوّر سرطان عنق الرحم؟ وهل هو وراثي؟

هناك عاملان أساسيان: التدخين والإصابة بمرض فقدان المناعة المكتسب (الإيدز)، كما تكثر الإصابة في صفوف الفتيات اللواتي خضعن لعملية زرع الأعضاء. وهذا المرض ليس وراثياً، بل يتطوّر من خلال الإصابة بالفيروس.

- هل من أعراض أو مؤشرات تساعد على اكتشاف هذا النوع من السرطان؟

في خلال الفترة الأولى من الإصابة، تغيب أيّة علامة حسية تساعد على اكتشاف سرطان عنق الرحم، ولكن من الممكن ظهور ألم خفيف خلال فترة العلاقة الزوجية أو نزيف بسيط. أمّا في المراحل المتطوّرة فيبدأ بالضغط على الأعضاء المحيطة بعنق الرحم، ومنها المبولة، ما يجعل المرأة تشعر بضرورة الذهاب إلى الحمّام بصورة متكرّرة أو بصعوبة في التبوّل وبالإمساك.

- في أي سنّ تكون المراهقة أكثر عرضة للإصابة بهذا الفيروس؟

تكون المراهقات أكثر عرضة للإصابة بين سنّ 20 إلى 25 سنة، إذ أن واحدةً من بين كلّ ثلاث فتيات يحملن هذا الفيروس، وهناك واحدة على عشرة من السيدات الأكبر سناً مصابة به.

- هل يمكن القول إن هذا السرطان مميت؟

بشكل مؤكّد، إذ أن هناك سيدة من بين كل ثلاث سيدات حاملة للفيروس، يتطور السرطان لديها ويؤدي الى الوفاة. وهو يعتبر السبب الثاني لإصابة النساء بالسرطان بعد الثدي.

- هل من فيروسات أخرى مسؤولة عن الاصابة بهذا السرطان؟

من المؤكد أن الفيروسات التابعة لعائلة «ايتش.بي.في» هي المسؤولة عن سرطان عنق الرحم، وهي كثيرة ومتعددة. وكما ذكرنا، إن هذا اللقاح يؤثّر على 4 أنواع من هذه العائلة فقط.

- هل يمكن الحماية من خلال فحص المسحة المهبلية لعنق الرحم؟

إن الكشف المبكر يتمّ من خلال فحص المسحة المهبلية، وينصح الأطباء النساء اللواتي تتراوح أعمارهن ما بين 25 و65 سنة، بالخضوع له سنوياً، وهو يسمح بالكشف عن كل الالتهابات المصاب بها عنق الرحم. ولكن رغم أهمية هذا الفحص، إلا أن هناك عدداً من النساء اللواتي لا يخضعن له، علماً أنّه يتطلّب الالتزام به لفترة طويلة، للتأكد من النتيجة. وإذا جاءت نتيجة هذا الفحص سلبية، فإن هذا يكون مطمئناً، ويصبح من غير الضروري إعادة الخضوع له في خلال فترة زمنية قصيرة، أمّا إذا جاءت النتيجة إيجابية مرتين فهذا معناه أن هناك احتمالاً كبيراً أن يبدأ فيروس الـ «ايتش.بي.في» بإحداث تغيّرات ما قبل سرطانية وسرطانية. ولذا، لا بدّ أن يتمّ القيام به من قبل النساء اللواتي تزوجن منذ أكثر من 10 سنوات، لأنه قبل هذه المدة، لا يتطوّر الفيروس لدى 25 في المائة من النساء إلى تشققات سرطانية. بالمقابل، إن اللقاح الجديد، وتحديداً الذي يتعامل مع الفيروس16 و18، يفتح المجال أمام الحماية من سرطان عنق الرحم، ولكن من الأفضل إشراكه مع الكشف المبكر من خلال فحص المسحة المهبلية الذي تنصح به جميع النساء بشكل دوري.