كلنا نحب الورد.. وكلنا لا نملّ لو نراه يومياً وفي كل مكان.. لكن هل تساءل أحدٌ من قبل كيف غزت هذه الأزهار على اختلاف أنواعها وأشكالها كوكبنا.. وكيف انتشرت حتى باتت تتصدر النباتات المهيمنة على هذه الأرض؟!
هذا اللغز حير العلماء لسنين بمن فيهم صاحب نظرية التطور تشارلز داروين، فالنباتات المزهرة تشكل نحو 90 في المئة من مجموع أنواع النباتات الحية وقد تفوقت على نباتات كانت قد سبقتها في الوجود على سطح الأرض، مثل الصنوبريات والسرخسيات. لكن النباتات المزهرة استطاعت بانتشارها الواسع أن تحوّل المشهد من أخضر صرف إلى مرجٍ ملون بكل الألوان.. فكيف تمكنت تلك النباتات من تحقيق ذلك؟
يبدو أن العلماء توصلوا أخيراً للحل، فالأبحاث الجديدة تشير إلى أن الأمر متعلق بحجم المادة الوراثية، أو الجينوم، والذي تبين أنه يتناقص، كما أن صغر حجم المادة الوراثية يبدو أفضل. ويقول كيفن سيمونين من جامعة سان فرانسيسكو في كاليفورنيا، الولايات المتحدة: «إن الأمر يتعلق حقاً بمسألة حجم الخلية وكيف يمكنك بناء خلية صغيرة لكنها تحتفظ بجميع الخصائص الضرورية للحياة». وذلك وفقاً لما جاء قي موقع الـ«بي بي سي»، حيث نوقشت على مدى عدة قرون الأسباب الكامنة وراء نجاح النباتات المزهرة بصورة مذهلة وتنوعها الواسع. حتى أن تشارلز داروين وصف الأمر بأنه «غموض بغيض». وتساءل سيمونين والباحث المشارك من جامعة ييل آدم رودي، عما إذا كان حجم المادة الوراثية للنبات، أو الجينوم، قد يكون بالفعل مهماً. وشرع علماء الأحياء بتحليل البيانات التي تحتفظ بها الحدائق النباتية الملكية، كيو، على حجم المادة الوراثية لمئات النباتات، بما في ذلك النباتات المزهرة، وعاريات البذور (مجموعة من النباتات، والتي تشمل الصنوبريات وفصيلة الجينكو) والسرخسيات. بعد ذلك قارن علماء الأحياء حجم الجينوم مع الخصائص التشريحية مثل وفرة المسام على الأوراق. وقالوا إن ذلك قدم «دليلاً قوياً» على أن نجاح وانتشار النباتات المزهرة في جميع أنحاء العالم يعود إلى «تقليص حجم المادة الوراثية». فمن خلال تقلص حجم المادة الوراثية الموجودة داخل نواة الخلية، يمكن للنباتات بناء خلايا أصغر. وهذا بدوره يسمح بزيادة امتصاص ثاني أكسيد الكربون وتشكيل الكربون من عملية التمثيل الضوئي، وهي العملية التي تستخدم بها النباتات الطاقة الضوئية لتحويل ثاني أكسيد الكربون والماء إلى الجلوكوز والأكسجين، وبالتالي يمكن للبذور أن تجمع المزيد من الأوردة والمسام في أوراقها، مما يزيد من إنتاجيتها، وبالتالي يؤدي إلى ارتفاع معدلات النمو السريع بين النباتات البرية. واليوم يقول الباحثون «إن النباتات المزهرة هي أهم مجموعة من النباتات على الأرض، والآن بِتنا نعرف أخيراً لماذا كانت ناجحة جداً».