عند ذكر عبارة "مضر بالصحة" قد يكون أول ما يخطر على بالكم هو التدخين أو تناول الطعام الغير الصحي، وهذا ناجم عن فهمنا القاصر حول الصحة والعافية، حيث أن صحة الإنسان لا تقتصر على صحته البدنية فقط، بل تشمل الصحة النفسية والعاطفية التي يتمتع بها.
وفي هذه الأيام هناك آفة تنتشر بين الناس وتؤثر سلباً على الأفراد وتضر بصحتهم الجسدية والنفسية والعاطفية على حد سواء، كما تكمن خطورتها كونها تسبب الإدمان دون أن يشعر الشخص، فيظن الناس أنها مفيدة في الوقت الذي تقوم بتدمير الكثير من نجاحاتهم. إنها وسائل التواصل الاجتماعي، قد لا يرى البعض أنها بهذا السوء وقد يدافع عنها البعض الآخر مستشهداً بالجوانب الإيجابية التي تقدمها للمجتمع.
لكن بين هذا وذك يتفق الجميع على أن الإدمان على استخدام هذه الوسائل يؤدي لنتائج سلبية جداً. وقد شرع العديد من الباحثين والمختصين النفسييين والاجتماعين حول العالم بدراسة جوانب هذه الظاهرة، حيث بينت دراسة قامت بها جامعة جامعة بيتسبرغ (The University of Pittsburgh) عام 2016 أن العلاقة بين ازدياد وقت استخدام فيسبوك ووسائل التواصل الاجتماعي الأخرى من جهة واحتمال التعرض للاكتئاب من جهة أخرى هي علاقة تناسب طردي، أي أن التعرض للاكتئاب يزداد مع ازدياد ساعات استخدام المواقع الافتراضية، وتعتبر هذه الدراسة من أحدث وأوسع الدراسات التي أجريت بهدف تحديد الارتباط بين استخدام وسائل التواصل الاجتماعي والاكتئاب، حيث تم الوصول إلى هذه النتائج من خلال إجراء استبيان بمشاركة 1787شخص في الولايات المتحدة الأمريكية تتراوح أعمارهم بين 19 و39عاماً.
والسؤال الذي يطرح نفسه هو هل هناك تجارب سلبية مرتبطة بهذا النوع من الإدمان؟
الجواب تقدمه جامعة بروان (Brown University) بدراسة أجرتها على 264 من الشباب ونشرت ملخص نتائجها، بهدف التعرف على مدى تعرضهم لتجارب سلبية أثناء استخدام مواقع التواصل الاجتماعي والعلاقة بين هذه التجارب والصحة النفسية وكان الآتي:
• 82% من المشاركين تعرضوا لتجربة سلبية واحدة على الأقل أثناء استخدامهم لموقع فيس بوك.
• 24% من المشاركين في الدراسة عانوا من اكتئاب متوسط إلى شديد.
• الأشخاص الذين أبلغوا عن أربع تجارب سلبية أو أكثر يواجهون خطراً أكبر من الذين تعرضوا لتجارب سلبية أقل.
• هذه الدراسة تؤكد التأثير السلبي لموقع فيسبوك على الصحة النفسية، لكن ما زال الباحثون الذين أعدوا الدراسة يعتقدون أنَّهم بحاجة لمزيد من التجارب والدراسات للوصول إلى نتيجة قطعية إن كان التواصل الاجتماعي سبباً رئيسياً أم عاملاً مساعداً.
وبالتالي نخلص إلى نتيجة واضحة أن الإدمان على استخدام وسائل التواصل الاجتماعي قد يؤثر سلباً على علاقاتكم الاجتماعية ويحد من قدراتكم على الاستمرار قدماً في مشوار نجاحكم وإبداعكم.