أمنياتنا

شهرزاد

الأيام لا تقدم لنا أمنيات جاهزة التنفيذ، والأحلام لا تباع فوق أرفف المحلات التجارية، فالأمنية هي ذلك الشعور النابع من قلوبنا، والشبيه بحلم نجاهد كي لا يغادر قفص حياتنا، لإيماننا بأن وجوده سيمنحنا حياة أجمل.. وبأن الحياة بلا أمنية ستكون شبيهة بمغارة شاسعة مرعبة باردة...
وأنت كنت أمنية كتلك الأمنيات التي تجاهد الأرواح كثيراً كي تحظى بها، فأنت كنت حقيقة لا تقبل الجمع بالوهم ولا القسمة على الخيال، أنت كنت عاطفة حقيقية، غيرة حقيقية، فرحة حقيقية، هزيمة حقيقية، خسارة حقيقية..
أنت كنت أمنية كبرى طاردتُ المستحيل مسافات طويلة من العمر كي أنتزعها من بين أنيابه، لكن قلوبنا أوهن من أن تقد المستحيل من ظهره ليلتفت إليها فتنتزع منه كل أمنياتنا التي أطلقوا عليها أمنيات مستحيلة..
فأرواحنا كانت مسالمة جداً، كانت ضعيفة جداً، أضعف من السير عكس اتجاه المستحيل، ومن الركض خلف أمنية فرت منا خوفاً من العرفِ.
ففي الحياة أشياء أقوى من الأمنيات وأقوى من الأحلام الدافئة، ومن كل المحاولات الصادقة لتحويل أمنية شهية إلى واقع مرئي.
إنها الأقدار ياسيدي.. تلك التي ترسم لنا خطوطنا على هذه الأرض، وتحدد لنا بداياتنا ونهاياتنا وطقوسنا المختلفة مابين البداية والنهاية..
فنحن نسير على طرقات أحلامنا حسب أقدارنا لا حسب أمنياتنا
لهذا (حياتنا) لا تشبه (حكاياتنا) كثيراً.. 
فنحن في الحكايات بلا قيود، وحرية قلوبنا بلا حدود..
ففي الحكايات لا تتغير ملامحنا مهما كبرنا، ولا ننحني للرياح مهما اشتدت وأرهقتنا قوتها..
وفي الحكايات لانفكر بتلك الشخصيات التي يقلقنا ظهورها المفاجئ في حياتنا، ولا نمنح أهمية كبرى لتلك العقول الناضجة التي تحارب طفولة مشاعرنا.
وفي الحكايات نطلق أسر طفولتنا، فلا نكثر الالتفات حولنا قبل أن نلعب في الطين والمطر، وقبل أن نجرب الجلوس على أرجوحة للأطفال، وقبل أن نتناول قطعة حلوى مكشوفة من بائع متجول.
وفي الحكايات نتجرد من كل الأقنعة فنثرثر كثيراً ونلعب كثيراً ونضحك كثيراً، ونختلف كثيراً، ونغضب كثيراً، ونبكي كثيراً ونفترق كثيراً، ونعود كثيراً.
في الحكايات لانهتم بالوقت، ولا نراقب عقارب الساعات، ولا نشعر بالملل ولا بالخيبة ولا يقطعنا الوقت مهما لهونا وسهونا..
في الحكايات نؤدي كل الأدوار، ونعيش كل الشخصيات، فنصبح سلاطين وشعراء ونبلاء، وفقراء وعشاق وشجعان وجبناء وصعاليك، ومجانين حكايات حب تاريخية. 
لهذا نحن نشعر بألم المنفى حين نضطر لمغادرة حكاية عشنا بها حياة كاملة بكل مراحلها وفصولها.
قبل النهاية بقليل:
نحن قد نشبه حكاياتنا أكثر مما قد نشبه حياتنا، فعلى الأغلب نحن نختار (الحكاية) ولا نختار (الحياة).
***