اكتشاف وعودة

محمد فهد الحارثي

 

تعال فالعمر لايحتمل هدر الأيام. وما فائدة التباعد، ونحن نعاند الشوق ونتحايل على المشاعر.
أشعر بأن الزمن يخطف منا، وبأن الوقت الذي نبعد فيه عن بعضنا البعض هو حرمان أحمق، قفز في المجهول. بل هو شيء من الجنون.
لماذا نعيش دقيقة في خصام. لماذا نخسر لحظة من العمر لانسعد بها؟ القضية ليست من يبادر ويصالح الآخر، بل القضية هل هناك أي شيء يستحق أن نبتعد عن بعضنا من أجله. ولماذا؟. أنتظر حديثك، وكأن الزمن توقف منذ لحظة تباعدنا. بل الزمن في حالة ارتباك منذ أن تفارقنا.
لايهم من ينهي الخصام، ويبادر بالتواصل، فحسابات الكبرياء والعناد تصبح هامشية بين المحبين. أعاند أشواقي إليك، وأزعم أن البعد علاج ينهي المشكلة، وأكتشف لاحقاً أن البعد يزيد من حنيني إليك، وأن المشكلة هي في بعدي عنك، وليس في عتبي عليك. الساعات التي ابتعدت عنك فيها كشفت لي عالما لم أكن اعرفه، فالزمن طويل، وحركة عقارب الساعات متعثرة. والناس غابت عنهم مسحة التفاؤل، والألوان فقدت بريقها. الأماكن نفسها، ولكن الأحاسيس مختلفة.
وضعت قائمة طويلة من الأعمال وأوهمت نفسي بالانشغال، اكتشفت أنني انشغلت بالتفكير فيك، وأن محاولة خداع النفس جهد ضائع. قلت كثيراً، ووعدت نفسي بقرارات صارمة، وعندما لمحت صورتك في خيالي، هربت القرارات وضاعت الأقوال. هرولت إليك المشاعر والأحاسيس من دون أن تأخذ إذنا، لقد تمردت، ويبدو أن التواطؤ من كل الجهات.
حتى في عتابي وبعدي، مازلت أرى في عينيك ذاك البريق، وعند لقياك تغشاني الفرحة كطفل صغير. قدري معك قصة مصير، وليس تجربة ومرحلة عبور. لم يعد يشغلني ماذا كان السبب، ومن المخطئ، يهمني أن تظل السماء محتفظة بزرقتها، وأن تعود الابتسامة إلى وجوه الناس، وأن يعم الفرح زوايا هذا العالم. لذلك قدرنا مع بعضنا، فالعالم لا يحتاج إلى مزيد من الأحزان.


اليوم الثامن:
أطول مسافة في العالم
الخطوة الأولى بعيداً عنك