الطلاق التعسفي 1

أميمة عبد العزيز زاهد

 

إن الطلاق المبكر والمباغت، يعتبر بكل المقاييس تجربة مؤلمة؛ فالفتاة تسعى لزواج مستقر وسعيد، ترسم في أعماقها صورة إيجابية عن علاقة الحب والتفاهم والانسجام التي سوف تجمعها مع شريك حياتها للأبد، ولكن مع الأسف هناك من يصطدم بعلاقة فاشلة، وأحيانًا قبل أن تبدأ، وبالتأكيد تتلقى لحظتها الزوجة صدمة نفسية غير متوقعة؛ لأن الشعور برفض الآخر، إحساس مؤلم. 
فكما أن للزواج قواعد ومواثيق؛ حتى الطلاق له آداب تجب مراعاتها، ومشكلتنا تكمن في الجهل بما يسمى أدب ما بعد الطلاق؛ فالكثير من الأزواج لا يدركون هذا الأدب، ولا يستوعبون مفرداته؛ لجهلهم بمقاصد الشرع وقلة إيمانهم، وأحيانًا عنادًا واستهتارًا، والطلاق مع الأسف أصبح ظاهرة في المجتمع، وعلى جميع المستويات والأصعدة، ولكن الأمر غير الصحي في مسألة الطلاق، عدا زيادة نسبته، هو التغير الذي لامس هذا القرار الخطير، والذي وصل إلى درجة الاستخفاف واللامبالاة بالقيم والثوابت والمشاعر حين يحدث غيابيًا دون علم الزوجة؛ حتى وصل في زماننا إلى مجرد كلمة سهلة لاحقتها التكنولوجيا، والتي باتت ترسل عبارة الطلاق أحيانًا عبر وسائل الاتصال، وهناك حالات حاولت فيها الزوجة إثبات طلاقها عن طريق رسائل الإيميل أوالهاتف المحمول، وأثار هذا النوع الغريب والعجيب من الطلاق جدلاً واسعًا؛ خاصة أن من آداب العشرة، أن تكون هناك محاولات للإصلاح بين الزوجين قبل وقوع الطلاق، وبالتأكيد في تلك الحالات التكنولوجية، تلاشى دور الصلح، وفقدت العلاقة دورًا مهما لاستقرار الأسرة، وقد أكد علماء الدين على رفض هذا النوع من الطلاق، وعدم صحته لعدم استكمال الشروط الأساسية والرئيسية لوقوعه؛ فلا بد أن تظل للطلاق حرمته؛ فلا يقع إلا بإقرار مباشر؛ فما الذي يثبت أن الزوج هو من كتب الرسالة، ومن جانب آخر هناك العديد من التساؤلات تدور في ذهني؛ فهل من حق الزوجة الاعتراض والتظلم عندما تطلق بدون علمها، أو عندما يقع عليها الطلاق بصورة تعسفية وبدون أسباب واضحة؟ وهل الطلاق المزاجي من حق الزوج ينفذه وقتما يريد، وفي أي زمان وأي مكان فجأة وبلا مقدمات ولا حتى مبررات؟ وهل على الزوجة أن ترضخ للطلاق وتستسلم لقدرها، دون أن يكون لها الحق في أن تعرف حتى السبب؟ فيزداد الضغط النفسي عليها؛ فالطلاق المفاجئ والمباغت تجربة مؤلمة، وقصة قاسية نسج تفاصيلها بطل واحد وهو مثل هذا الزوج، الذي أعطى لنفسه الحق في أن ينزل من قطار الحياة في أية محطة من محطاته، دون إبداء الأسباب؛ تاركًا زوجة وحيدة تنهشها حيرة من غدر لم تكن تتوقعه، ممن كانت تظن أنه يشكل ملاذها الآمن. ونستكمل في المقال القادم، بإذن الله.