بائع ومشتر

أميمة عبد العزيز زاهد
| سيدي عندما طلبت مني أن أقول رأيي في شخصيتك وفكرك، احترت كيف سأتحاور مع إنسان مثقف مثلك يقوم بتوجيه النصائح والتوجيهات للآخرين؟ وعندما زادت حيرتي قررت أن أكتب لك، رغم أن معرفتي بك تعتبر في عمر الزمن قصيرة، ولكني سمعت وقرأت الكثير عن رأي الآخرين فيك، حقيقي لقد لمست فيك الصدق في التعامل والوضوح في إبداء الرأي بدون مجاملة، تمتلك رقة الإحساس التي تؤهلك لتكون شاعراً وليس كاتباً، تشعر بمن أمامك وتتلمس نقاط ضعفه وقوته، بجانب تميزك بالهدوء وحسن الإصغاء، وتأخذ الأمور دائماً ببساطة، وبالتأكيد تعرف كيف تتعامل مع النساء؛ لأن هذا من ضمن دائرة تخصصك، ومن هنا سأبدأ في سرد النواحي السلبية، وهي من وجهة نظري مبنية على تفكيري المحدود ونظرتي للحياة من زاوية حادة، كما هو رأيك في شخصيتي. يا سيدي رغم كثرة إيجابياتك ونظرتك المتفائلة للحياة، إلا أن داخل عقلك ووجدانك تعشش أفكار متحررة وهدامة، فأنت تبيح في بعض المواقف المحرمات، وتفسرها من وجهة نظر فلسفية، فأنت تؤمن بتعدد علاقات الصداقة غير البريئة بالنسبة للرجل، والذي يسمح فيه بتوزيع الأحاسيس والمشاعر على عدة جبهات حسب درجة حرارة المستقبل وليس المرسل؛ معنى ذلك أن الرجل لا يمتلك كنترولاً لعواطفه، وهو يفعل ذلك ليشبع غريزته أو ليرضي غروره، المهم هو الاستمتاع باللحظة، كما أنك لا تقر ولا تشجع الرباط الشرعي في حالة الحب بين اثنين، والحب يا سيدي بدون زواج يصبح حباً نظرياً وشفهياً، ولا يمكن أن يستمر بهذا الأسلوب أو يبقى على قوته إلا في حالة ما إذا كانت العلاقة قد تجاوزت أصلا كل الحدود والخطوط والألوان، وأخيراً أنت ترى بأنه لا غضاضة لو وجدت المرأة أي رجل كريم، يغدق عليها المال وما يتبعه من متطلبات؛ تسديداً لفواتير البذخ والترف، ولا يهم في نظرك ما هو المقابل، مادام هناك رضا بين الطرفين أي بين البائع والمشتري؟ بل تماديت أكثر من ذلك واتهمت من ترفض هذه الفرصة باتهامات غريبة، يا سيدي لابد لنا لكي نحيا حياة كريمة ألا ننسى أننا ولله الحمد مؤمنون بكتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، وعلينا ألا نهمل أبداً عضلة الضمير، وأن نحتكم إليها دائماً في كل أفعالنا وتصرفاتنا؛ لكيلا تضمر وتذبل وننطلق في الحياة كالوحوش الضارية لا تحركنا إلا غرائزنا، إن الأمر لا يحتاج لأكثر من وقفة حازمة مع النفس، ومراجعة أمينة لسلوك الإنسان وتصرفاته‏،‏ ويجاهد نفسه كلما وسوست له بما يتعارض مع ما ‏لا يرضاه الله سبحانه بدلاً من الانسياق الأعمى والاستسلام الضعيف لرغبات النفس، التي تتنافى مع الأخلاق ومع أبسط معنى للإنسانية، متى ما ردعنا أنفسنا عن الهوى وعن الرغبات الجامحة فسنعيش أحراراً ضمن إطار شرعي سليم ونفسي سوي، وإذا حكمنا عقولنا وضمائرنا وسرنا في طريق الحق تغلب الخير على الشر، أما إن سلمنا مقاليد أمورنا للشيطان فإنه سيقودنا إلى الهاوية ويمضي بنا في طريق اللا عودة