بداية يوم

محمد فهد الحارثي

 

 

  كلما مشت بي الخطوات بعيداً، وأتعبتني تقلبات الزمن. ألتفت إليك لأشعر بالأمان، لأستعيد توازني وثقتي في الحياة. وأكتشف أن الشمس ما زالت تشرق من المشرق، وأن السماء ما زالت ترتدي ثوبها الأزرق. وأن النهار ما زال ينتظر الليل ليغادر حتى يضيء المكان.

تقودني المسارات إلى طرق بعيدة، وتجمعني الأقدار مع أشخاص مختلفين. وكعادة الحياة تريك نسيجاً متناقضاً من ألوان متباعدة ومعادن متباينة. وفي خضم هذا التباين تبرز صورتك كملاك يمنحني الاطمئنان. ويختطفني من كل الأحزان. يحمل السعادة أينما حلّ، ويصيب الآخرين بعدوى الفرح أينما كان.

أشعر بالتميز عن الآخرين، وأنني استثناء في عالم تشابهت فيه الأشياء. وجودك في حياتي نقلني إلى عالم السعادة. وأشعر أنه كيفما كان يومي، سيبقى عبقه معطرا بالفرح، طالما كانت بصمتك فيه. أستوعب كل الأحداث، وأتسامح مع الأخطاء، وأضع نصب عيني ابتسامتك، فتتحول الأوجاع إلى أفراح، والقلق إلى هدوء، والظلال القاتمة إلى ألوان ساطعة.

في كل لحظة لك وهج مثير، وكأنني أكتشفك من جديد. واحة من النقاء في صحراء من الزيف. رقي مشاعر وأحاسيس صادقة وبراءة عفوية. فيض من الحنان، ينقلني إلى فضاءات لم يرها أحد، وحدود لم يلمسها بشر. وجودك في حياتي اختصر علىً مشوار الطريق، فاختصرت طموحات الغد في واقع اليوم.

لم أعد أخاف المستقبل، ولا تشغلني التفاصيل العابرة. أصبحت لديً مناعة ضد المتغيرات. ضياء حضورك في عالمي أرسى قواعد جديدة في حياتي. جعلني أقوى مما قبل، وأسعد مما كنت أتخيل. وما زلت في صباح كل يوم أستشرف ملامحك لأبدأ نهاري بتفاؤل وأمل لا يخيب.

أيامي صفحات بيضاء رسمت خطوط الفرح فيها أنامل سمتها الوفاء وعنوانها العطاء.

 

اليوم الثامن:

كم من الأشياء الجميلة تملأ حياتنا..

مشكلتنا أننا لا نكتشفها إلا حينما تغادرنا.