بين مسارين

محمد فهد الحارثي

 

لا تعاتبهم فلهم أسبابهم. لا تنتظر منهم أن يكونوا كما تتوقع، فالحياة ليست معادلة رياضية. تجاوز وتسامح، فأنت أكبر بجوهرك ومعدنك.

في ساحة الحياة يسقط كثيرون، ليس من منصة السباق؛ ولكن من قائمة الأخلاق. تراهم يتدحرجون في مساحاتهم. ويغمضون أعينهم عن كل شيء ما عدا رغباتهم وأنانيتهم. لا تحاسبهم. استوعبهم. هم خاسرون في حسابات كثيرة فاترك لهم هامشاً في عالم تسامحك وترفّعك.

كثيرون هم من يتلونون ويركضون في المسافات البعيدة. يعتقدون أنهم الأذكى والأدهى والقضية ليست في هذا السياق. هناك عالم بعيد عن واقعهم، بل وحتى عن مخيلتهم. حساباتهم أرقام ورغبة وجشع. الصورة بالنسبة إليهم زاوية واحدة، لم يستطعيوا أن يروا غيرها. والمؤسف أنهم يكتشفون جمالية الصورة كاملة بعد فوات الأوان.

لا تقلق بشأن من يشوش عليك أو يعمل ضدك، فأنت تصنع نجاحاتك بتجاهل الأصوات المزعجة، وتجعل تركيزك على أهدافك. ما يفرق بين متسابق وآخر في أولمبياد السباق، أن هذا يضع عينه على خط النهاية ويركض فيفوز، بينما الآخر يشتت نظره بين خط النهاية ومنافسيه، فيخسر السباق. اجعل أهدافك هي المحفز لمسيرتك. تجاهل الأصوات الجانبية. هي سوف تبقى في كل الحالات، بينما أنت من تصوغ مقطوعة نجاحك بإيقاعك وخياراتك.

النجاح وصفة يبحث عنها الجميع. يتوهم كثيرون صوراً مزيفة للنجاح من ثراء فاحش إلى نفوذ واسع وأشكال مختلفة تدور حول الامتلاك والرغبة. في حين أن النجاح الحقيقي هو الذي يستند إلى مبادئ يؤمن بها الشخص.. رسالة يحارب من أجلها وأخلاق يرتبط بها. هذه المسائل غير محسوسة، وليست مادية؛ ولكنها بالتأكيد تصنع الفرق. وترى هؤلاء الأثرياء بعدما يمتلكون الثروات الطائلة، يرتهنون لقيمهم فتجدهم يتبرعون بمعظم ثرواتهم لأعمال الخير. ويؤسسون جمعيات خيرية هدفها مساعدة غيرهم وجعل العالم مكاناً أفضل للعيش. هي ليست ثورة معاكسة لمسيرتهم، بل هي عودة لجذورهم الإنسانية ومعدن أخلاقهم.

عندما تنتصر لأخلاقنا فإننا ننتصر لأنفسنا، ومهما بدأت الصور مشوشة ففي لحظة يسطع نور الشمس..

اليوم الثامن:

… من يرسبون في اختبار أخلاقهم
يصنعون ثقباً تسقط منه كل إنجازاتهم