جرحها غائر، وألمها قاسٍ، ونقاشها مؤذٍ، الخيانة، كلمة واحدة تختصر مرارات متباينة، وتلغي مشاعر كثيرة، وتختطف أجمل الأشياء. نشكلها بأسماء مختلفة حتى لا ننطقها، ونستحضر عبارات شتى ومفردات متقاربة، وكأننا نخفي رؤوسنا في الرمال، إنها الخيانة بمعناها وبلفظها، هي بكل ملامحها وطقوسها وألوانها الحاسمة ومواقفها القطعية.

لا مجال للمساومات وأنصاف الحلول، وهل لو تجاهلناها سوف تلغي وجودها؟ هل إذا سكت المريض الذي يتأوه من آلامه، فهل سترحل أوجاعه؟ الحقائق تبقى، والواقع لا تخفيه محاولات التظاهر الخادعة.

نعم. تؤلمني الخيانة، وصمتي لا يعني تسامحي، بل هو لحظة إدراك الواقع واستيعاب الوضع الجديد، واندهاشي لا يعني تجاوزي، بل هو مساحة من الوقت أرى فيها الأشياء بأشكالها الحقيقية، ولو لمرة واحدة.

لن نفتح باب النقاش والتساؤلات، فبعض الأسئلة تدمي أكثر من أجوبتها، ومن الصعب أن نبدأ حواراً نحن نعرف نهايته، هي أسئلة لا تطرح، ولكنها إجابات تقف ماثلة أمام عينيك، تحتل كل الزوايا حتى لو لم تستفزها الأسئلة.

أقف في نقطة المنتصف، مواجهة ومغادرة، أم سكوت وانتظار؟ وهل المواجهة ستغير الواقع؟ وهل الإجابات المتوقعة ستطفئ لهيب الأسئلة؟ أتأمل وأستغرب، كيف يمكن لشخص تضع عليه رهاناتك وقناعاتك ليفاجئك أنه نفس الملامح، ولكن ليس نفس الإنسان؟ وكيف يمكن للوهم أن يرسم أجمل الصور، حتى لو كان الواقع عكسه تماماً؟ حينما ترسم مشاعرنا الصور تغمض أعيننا عن الحقيقة.

لن أعاتب ولن أضع علامات الاستفهام، طرح الأسئلة هو استئناف لقرار الرحيل، هو محاولة لتلوين الأحداث وتجميل الحقائق، لا تقلق، محطة في مشوار الطريق سأتجاوزها، ببساطة صفحة من كتاب شغلني عنوانه، ونسيت أن أقرأ التفاصيل.

 

اليوم الثامن:

 مرورنا في حياتنا بمنعطفات حادة لا يعني نهاية الطريق، بل ربما هي البداية.