ستظلّ مهددًا بالتعب

سلمى الجابري


ستظلّ مهددًا بالتعب، بالسيرِ فوق الطرقات المتكسرّة، تختنق بالعاديّة كسائر الوجوه، لا شيء سيميزك أنت وجرحك المسكين، أخبرني لماذا لاتزال تدور، وتدور حول العدم بمفردك؟! ألم تسأم يا هذا؟! كان عليك أن تسقط، ألا تجابه كل هذا الزحام وأنت على أهبةِ الفراغ؟ كان عليك ألا تفعل، أن تفتعل الرغبة بالعيشِ على الأقل؛ كي لا تموت مع سائر اليتامى بهذا الصمت، كان عليك أن تظلّ واقفًا تحت السماء، تطيل الصلوات؛ كي تمدّ لك يد نهارها لتحب، ثم تمدّ لك ليل جسدها لتمارس الشعور، لتستكين، لتتلذذ، لتشتاق، لتحب، لتعانق الوسائد، الدمى، وحزنك، كان عليك أن تتعذب أكثر، تبكي، تختلط بالظلام، فلا تراك، لا تراهم، ولا يرونك، ثم تنام، وكل تعب الحزانى في صدرك.
ها أنت، ها أنا نختفي معًا، داخل هذا الالتباس المعتم، دون أن أزرع حول فمك القُبلات، دون أن تشاركني مطلعًا لقصيدةٍ مبتذلة تدور أبياتها حول بياض القمر، وعطش الزهر.
اضحك، خذها حجة لتبكي من شدة زيفِ الفرح، أعدك بأن لا أحد سيشعر أنك تمثل، أعدك بأنهم سيمثلون معك بذات المسرحية، وهم لا يدركون ذلك حتى، لا تقلق حيال هذه المهزلة، تابع الضحك، كمن لا يعترف بأهمية الكلام، أما أنا! أنا سأصفق على الكذب، على الوجع، على تداعي الوجوه، سأصفق عليك، وعليَّ، وعليهم، وأنا أتكئ على تعب العالم كله بمفردي معك.