ظلام البصيرة

أميمة عبد العزيز زاهد

 

إن الإرهاب في كل مكان في العالم؛ فهو لا دين له ولا وطن؛ فالإرهابي شيطان يعشق دماء الأبرياء، ويزرع الرعب والخوف والفزع وسفك الدماء وإشاعة الفوضى والخراب والدمار والبلبلة.. الإرهابي نبت شيطاني يسكن بداخله حقد دفين موجه للمجتمع.. فهو شخص ضائع مشلول الإرادة عديم الفكر، ينفث كل أحقاده التي استمدها من أفكاره المتطرفة؛ ليمنح لنفسه الحق أن يقتل ويسرق وينهب ويشيع الفاحشة، ولا ينظر إلا بمنظار السوء.. منظار الغضب إلى أي شخص وإلى كل شيء.. ساخط لا يتورع عن إلصاق تهم الكفر بأقرب المقربين منه، ويستعمل الدين بما يتناسب مع أفكاره ومشاريعه وتوجهاته.. يخطط في الظلام... ويعيش في الظلام.. وينشر أفكاره الهدامة التي لا يقرها دين ولا عقل... وينفذ بكل برود مخططاته الدنيئة، إن الأحداث التي تجري على الساحة تشكل صدمة للجميع، وإن اختلف مدى الإحساس بها أو ردة الفعل من شخص لآخر.. وتكمن القضية في أن القبض على الإرهابيين والخارجين عن الدين واللاإنسانيين، لن يحل المشكلة من جذورها، ولن يجدي أن تكون المواجهة فقط أمنية.. ولا بد بجانب ذلك، أن تعالج القضية من جذورها، وأن نعرف ما الأسباب التي تستدعي هذه الفئة لتنفيذ عمليات انتحارية أو الانحراف عن الخط المستقيم؛ حتى تشبعت أفكارهم بأمور لا تمت من قريب أو بعيد للإسلام ولا لأي دين ولا لأي مذهب أو ملة.. علينا أن نتفهم حقيقة العبارة المعتادة «غسيل المخ»، والتي نسمعها ونرددها كلما حدث حادث إرهابي، وأن نقتنع بجهل فاعليها بتخيل أبعاد جرائمهم على جميع الأصعدة؛ لأن نفوسهم وعقولهم تفتحت على حياة ضيقة لم تتسع لهم، ولم تمنحهم مكانة، ولم تهبهم أملاً ولو بسيطاً؛ حتى أصبحت الحياة بالنسبة لهم لا تساوي شيئاً؛ فبجانب قلة الوازع الديني وعدم محبة الله والخوف منه والبعد عن النهج السليم الوسطي المعتدل، وبالإضافة إلى تربة الجهل والفقر والفساد والبطالة التي نشأوا فيها، والتي ولّدت بأعماقهم الضعف والاستكانة والذل والهوان للانجراف؛ حتى أصبح غسيل أدمغتهم أمراً في منتهى السهولة.. فكل إنسان له متطلبات ورغبات وأحلام طبيعية، عندما لا تتحقق، وعندما تقفل جميع الأبواب في وجهه، يتولد بأعماقه ضعف الإيمان، الكراهية والحقد والعنف، ويأكله اليأس والإحباط، ويتمسك بآراء حتى لو كانت هدامة تجاه المجتمع الذي يعيش فيه ويفتقد الانتماء له، وسيلجأ لمن يغريه بحياة أفضل؛ حتى ولو كانت بعد موته؛ فهناك من أقنعه بأن الطريق إلى الجنة لن يأتي إلا عبر القنابل والرصاص والديناميت؛ فتفجيره لنفسه يدل على عدم وعيه بأنه لن يكسب لا الدنيا ولا الآخرة، وهذا أدعى لأن نتأكد من جهله بأبسط معاني الشرع وسننه.. اختار الوطن ليكون هدف دمويته المريضة وأفكاره المتخلفة الهدامة؛ فيزهق روحه وتهون عليه أرواح الأبرياء، من أجل أفكاره السوداء التي تسعى إلى الدمار والتشريد، لا الإصلاح والتعمير.