علاقتي بسريري وكتابي!

أحمد العرفج

 

على امتداد وكثرة العلاقات مع الآخرين، تظل هناك علاقة متنوعة وفق نمو الإنسان وعلمه، وتوسّعه في فهم الحياة، وقد تنامت -هذه العلاقات- وفق مراحل عديدة، وفترات مديدة.
هذه المرة، راودتني فِكرة علاقتي بالأشياء من حولي، بأن أُعطيها حقَّها من التفكير، فكثير من الأشياء حولي مُطَعَّمَة بالجمال، وأكاد لا أَملُّ مِن تأمُّل جمالها، ومحاورتها أحياناً!


إن علاقتي بالأشياء من حولي، قد تكون أقوى وأعمق من علاقتي بالناس؛ لأنِّي بنيتها على فهمٍ، بمَن هُم معي وأمامي، وأعتبرها أشياء منِّي، لا أجزاء أمتلكها فقط.
فمثلاً علاقتي بالكتاب، لا يمكن أن تكون علاقة حميمية وعميقة؛ ما لم أُحوِّلها إلى صداقة، باعتبار أن الصداقة مرحلة متقدمة، وأعمق من كونها مجرَّد علاقة.


وأيضاً كوب الشاي الرائع في الصباح الجميل، وأنا أُحرِّكُه بالملعقة، كأنِّي أمنحه قبلات الصباح، وحتى فرشاة الأسنان التي ترسم على وجهي ابتسامة عريضة، لمجرَّد أنني قررتُ أن أغسل أسناني!
وتأتي علاقتي بسريري، وهي أكثر الأشياء حولي، بها روح ونبض ومشاعر، وأقوى حافز للذاكرة، عندما آخذ كفايتي من النوم؛ فينزاح الألم عليه، وأستلذ بالنوم فوقه؛ لأن الألم واللذة يجمعهما السرير، فقد قالوا في المثل التشيكي: «الألم واللذة ينامان في سريرٍ واحد».


فعندما أغيب عن غرفة نومي لساعاتٍ عديدة، وأكون مُتعباً من أعمال اليوم، أو أشعر باليأس؛ يكون سريري هو المكان الأفضل لاحتوائي، وإعطائي شعوراً بالراحة، تبدأ من الاسترخاء والهدوء في الغرفة، التي أعتبرها الحضن الدافئ الذي ألجأ إليه؛ بعد عناء يوم طويل، وأمضي عليه ساعات الليل الساكن، حتى أُواجه يومي التالي بنشاطٍ وتفاؤل، فيومي يبدأ في السرير، وينتهي به.


في النهاية أقول: إنني أُحب أن أستشعر وجود الأشياء من حولي؛ لأنها ذات أهمية وعمق وثراء، فعلاقتي بالمكان معرفة، وبالأشياء معرفة، وبالناس معرفة. ولا أُخفيكم بأنني كل يوم أَمُرُّ بمعركة صباحية بها طرفان:
الطرف الأول هو الجسد، الذي يُريدني أن أتمسَّك بسريري؛ لأرتاح وأنام. أما الطرف الآخر فهو الطموح، الذي يقول لي: اقفز يا أحمد، وانهض؛ فهذا يومٌ جديد، املأه بالأعمال والإنجازات؛ لذا أتذكَّر كل يومٍ مقولة «دوغلاس آدمز» عِندَمَا قال: «اخلق لنفسك هدفاً يجعلك تقفز من السرير صباحاً».