عندما يصبح الحب في مهب الريح

أحمد العرفج



الحب مشاعر سامية، أوجدها الله في قلوب البشر، حتى تكون نسمات تُلَطِّف أجواء الحياة، فالحب قد يكون حياة، وقد يكون موتاً، وقد يكون شفاء، وقد يكون علة، وقد يكون هناء، وقد يكون شقاء... ونعلم منذ زمنٍ بعيد قصص الحب الجميلة، ومدى روعة المشاعر التي كانت تتبادل بين المحبين...!
ولو أردتُ التحدُّث عن الحب والصدق في المشاعر، سيطول الحديث، لكن أترككم مع رسالة وصلتني من فتاة؛ تحكي تجربتها مع الحب، الذي تريد الخروج منه... تقول في رسالتها:


(أُجزِم بأن الحب تجربة إنسانية مُعقَّدة، وهو أخطر حدث يمر في حياة الإنسان... الحب اختبار كبير في حياتنا، اختبار بين العقل والقلب، فالعقل يُفكِّر ويدبر ويختار... والقلب يُحب ويشعر ويحتار...!


كنت أتحاشى الحب، وما يعقبه من مساوئ لا تُحمد عقباها... ولكن قَدَّر الله أن يدخل شخص بقلبي ويتملَّكه، بعد أن تابعته بأحد وسائل التواصل؛ لمدة سنتين وبضعة أشهر، كانت حافلة بالعلم والعمل، وسرعة الإنجاز، والاستيقاظ مبكراً، كنت ممتنة جداً له أن غَيَّر حياتي، وكنت معجبة بالمحتوى والمادة التي يُقدِّمها في حسابه، لا معجبة به... مرَّت السنتان، وتراكمت حصيلة الأحداث، حتى وقعتُ بحُبِّه...!


كانت مكالماته الهاتفية حدثاً جميلاً في يومي، أنتظرها وأشتاق لها شوقاً عارماً، كنتُ أُغرقه بالرسائل الغرامية، التي تُؤكِّد صِدق مشاعري تجاهه، كنتُ أقول في نفسي: هذا الحب الذي أسكنته فؤادي بدون مقابل، لا يمكن أن أُخرجه من قلبي... وفي آخر يوم، كرَّرتُ اتصالاتي، ولكنه لم يُجب...!


استرجعتُ شريط الذكريات من بداية تواصلنا، واعترافي بحُبِّي له، وأنه يزداد يوماً بعد يوم –ويا ليتني لم أعترف -، فلم أكن أتوقع أن تذرف دمعة من عيني على شخصِ؛ لم يربطني به إلا شاشة الجوال، وفي أيامنا الأخيرة كان يحاول التهرُّب والتغلِّي، وحاولتُ ألا أُبالي، وأختلق أعذاراً عدة له.
لقد دخل حياتي، واستحمل حالات جنوني وتقلُّب مزاجي، ولم أكن أتوقَّع بأنني سأتعلَّق به إلى هذا الحد، فقد كان يومي لا يكتمل إلا بوجوده، وكان كلامه لا يُفارق مسمعي، وأحلامي به في المنام تكاد تكون كل ليلة.


كم كانت الأيام واللحظات صعبة عليَّ؛ حينما يغيب صوته، كنتُ أقول لا بد أن أستجمع قواي أمام الجميع، لأبدو غير مُبالية، رغم أن ألم غيابه يعتصر قلبي. كنتُ أنظر إلى هاتفي، وأتمنى أن يُضيئ اسمه على الشاشة.


حاولتُ أن أُمسك نفسي عن إرسال الرسائل، أو محاولة الاتصال به، أو حتى متابعته في السناب، علماً بأن الشوق له كان يأخذني مأخذاً بعيداً، وتجتاحني رجفة قوية في كل أنحاء جسدي، وكنتُ أُردِّد: (اللهم أنزع حبه من قلبي)... حاولتُ أن أُشغل نفسي بأمورٍ كثيرة... وأقول الحمد لله أن الحياة مستمرة، والأمل يتجدد، والتفاؤل المنقطع النظير بمستقبلي يزدهر ويُشرق يوماً بعد يوم، فلماذا أعيش حُباً وهمياً طرفُه أنا فقط...؟ وكل ما في الأمر، أني فقدتُ شخصاً في حياتي أحببته حُباً عجيباً...!


صحيح أنني لازلتُ أتألَّم، لكنني وجدتُ أن العمل باستمرار؛ هو أفضل حل وعلاج للمتاعب... فالمشاعر هي التي تؤثر في حياة الإنسان، وتُغير حياته، سواءً للأفضل أو للأسوأ، وهي بلا شك ومع الأسف جعلتني للأسوأ...!


قررتُ أن أجعل عقلي يُركِّز على العمل، فبقاء العقل بدون انشغال، سيقودني للتفكير في هذا الحب المرير... بدأتُ أتصوَّر المستقبل والتفكير فيه، لأنه سيجعلني أكثر إشراقاً بكثير من الماضي، ويمنحني القدرة على إحداث التغيير الإيجابي في حياتي... هذا وقد قيل في الحب: (لا تُفرِّط فيمن يشتريك، ولا تشري من خذلك)... (انتهت الرسالة)!


في النهاية أقول: هذه تجربة صاحبة الرسالة، تعنيها دون سواها، ولكن يبقى الحب عبارة عن مشاعر فيَّاضة جيَّاشة، تجتاح نفوس أصحابها في لحظاتٍ بهيجة...!!