فرصة النور

محمد فهد الحارثي

 

مسكين هذا الشخص الذي يثير الضوضاء، أصوات مرتفعة وضجيج لافت، لكنه فارغ من داخله. بقدر ما يحاول أن يخفي ملامحه، بقدر ما يثير من صخب؛ حتى يشغل الآخرين عن حقيقته.

يركض في كل المسارات هرباً من لحظة المواجهة. يشعر في قرارة نفسه بأن لحظة توقفه عن الركض هي لحظة القبض عليه متلبساً في جريمة هي شخصه. ويخشى أن تزال الأقنعة للكشف عن شخصه الحقيقي.

يعتقد أنه أذكى من الآخرين، ويتقمص شخصيات مختلفة ما عدا ذاته. هو متمكن في إيهام الآخرين بشيء هو ليس منه. ولديه قدرة عجيبة على التلون والتغير والتراجع.

تتعجب له، وأحياناً تشعر بالشفقة عليه، ففي داخله شخص مهزوم وجبان ومعدوم الملامح، وفي خارجه يحاول أن يتظاهر بالإقدام والجرأة والثقة.

من أصعب الأشياء أن تعيش الحياة وأنت لست نفسك.

والأصعب حينما تأتي لحظة المواجهة. فمهما تحايل الشخص وتخفّى وتملّص، تأتي لحظات يقودها القدر لمواجهة واقع الحقيقة. فالخداع ينجح، لكن نقطة ضعفه القاسية أن المدى الزمني له قصير مهما طال.

فرق كبير بين الكبار الواثقين بأنفسهم، وبين الأشخاص الذين يحاولون أن يتسلقوا هاماتهم؛ ليصبحوا مثلهم، أو يختطفوا بعضاً من صفاتهم.

الكبار ليسوا بمناصبهم وثرواتهم، بل بجوهرهم ومعادنهم؛ يملؤون أماكنهم مهما كانت بسيطة، ويفيضون بلمسة الثقة والتصالح مع الذات والطمأنينة على من حولهم.

ما أجملهم، وما أجمل الحياة بهم!! الحياة أطيب حينما نكون أنفسنا. أن نتقبل أنفسنا ونحبها كما هي. هو واحد من مفاتيح السعادة في الحياة، ولو يدرك هذا الشخص الذي يهرب من نفسه أنه يملك أكبر ثروة، وهي موجودة في داخله، فقط لو وثق بنفسه، وأعطى فرصة للنور الذي في داخله أن يشع.

اليوم الثامن:
أقصر الطرق للسعادة
كن ذاتك وتقبّل عيوبك