فلسفة الزواج والحب  ـ1ـ

أميمة عبد العزيز زاهد

 

 

قرأت مؤخرًا عن دراسة تؤكد أن الزواج يحمي من الجنون والأمراض النفسية والعقلية، وكذلك الأمراض العضوية؛ حيث تنشأ هذه الأمراض نتيجة للشعور بالوحدة، كما أن الزواج يؤدي إلى إشباع العواطف والغرائز وغريزتي الأمومة والأبوة؛ فعدم إشباع هذه الغرائز، هو أول الطريق للإصابة بالأمراض النفسية.

ولكن مع الأسف، نظرة البعض للزواج تكون خاطئة من الأساس.. فالبعض يبني فكرته على الانجذاب العاطفي فقط، على اعتبار أنه الحب، وهو ما تؤكده كل الأغاني العاطفية والدراما بشكل متكرر؛ فيكبر وفي ذهنه هذه الفكرة، وبعد الزواج طبيعي ستزول نشوة الحب، وللإجابة عن هذا السؤال، دعونا نضع الحب تحت المجهر، ونفهمه بشكل علمي بالتعرف على هرم عالم النفس ماسلو؟ الذي رتب «الحاجات الإنسانية» ترتيبًا تصاعديًا.. في المرتبة الأولى تأتي حاجاته الجسدية، «الأكل والشرب والنوم..»، والمرتبة الثانية، الإحساس بالأمان، أما الحب والانتماء؛ فيأتي في المرتبة الثالثة، والاحترام الرابعة، وتحقيق الذات الخامسة، ونلاحظ أن الحب جاء في المرتبة الثالثة؛ فيقول د. ماسلو، إنه يجب أن يحقق الإنسان أولاً حاجاته الجسدية والأمان؛ كي يكون قادرًا على الحب والانتماء، ولو تأملنا هذه النظرية، سنجد أن حياة المقبل على الزواج فيها خلل؛ فالشاب عادة لا يشعر بالأمان بشكل كامل؛ فالأسعار تزداد، ومشكلة السكن مشكلة حقيقية مقارنة بدخله؛ فيصبح الشعور بالأمان المادي والوظيفي مختلاً، ناهيك عن باقي المتطلبات الأخرى، وتوفير أبسط حاجاته الأساسية، وهل يمكن لشخص لم يشبع حاجاته الخاصة، أن تكون له القدرة على العطاء؟

في دراسة مثيرة في جامعة كاليفورنيا، وجدوا أن كيمياء الحب «بأشواقه ولوعته»، مختلفة عن كيمياء الزواج «العلاقات المستمرة طويلة الأمد».

فهل كيمياء الحب تختلف عن كيمياء الزواج؟ علميًا هذا صحيح.. ففي مراحل الحب الأولى، تزداد نسبة مواد، منها الدوبامين، والذي يلعب دورًا في الانجذاب العاطفي،

أما العلاقات طويلة الأمد.. فالدوبامين ليس كافيًا لاستمرار الحب.. هو أعطاك الانجذاب، لكنه لم يمنحك ضمانًا لاستمرار العلاقة، أما في الزواج؛ فالموضوع يختلف.

هذا الكلام أهم مما نتخيل.. ويبدو أن المشكلة الحقيقية تكمن في فهمنا لكلمة الحب.

ولو تأملنا أية علاقة مثالية، سنجد أنها تمر بثلاث مراحل: الأولى الانبهار، وتكون القصة في بدايتها، وترى الشخص الذي تحبه وكأنه «كامل» لا نقص فيه، وتكون سعيدًا وأنت معه.. تشعر أنه مختلف عن كل من قابلتهم في حياتك، وفي المرحلة الثانية يكون الاكتشاف، يتعرف فيها كل طرف على الآخر، وبمرور الوقت ستكتشف أن هذا الشخص الذي تحبه ليس كاملاً كما كنت تظن؛ فهناك عيوب هنا وهناك، وأشياء لم تكن تعرفها؛ بل أشياء تضايقك، وتختفي الصورة التي كنت تراها في مرحلة الانبهار، وترى الشخص على طبيعته، أما المرحلة الثالثة مرحلة التعايش، ويصل الطرفان إلى معرفة كاملة بعيوب بعضهما البعض.. فهل سيتكيّفون ويستطيعون التعايش معها؟ وهذه المرحلة هي أصعب مرحلة في العلاقات.. لأنها تتضمن كيفية تعامل كل منهما مع عيوب الآخر..

ونستكمل في المقال التالي، بإذن الله.