كبر عمري وزادت عواطفي

أميمة عبد العزيز زاهد


قالت: عشت عمري معك أروع مما كنت أحلم، فنحن متحابان متفاهمان، كنت تستوعب لحظات انفعالي وأحتويك دوماً بحناني، كنا زوجين وصديقين وحبيبين، كنا عندما نتخاصم لا ننام إلا ونحن متصالحان، فيكفي أن تضع ذراعك حولي أو أن أتظاهر بالنوم لأضع يدي عليك فيتلاشى الغضب ويذوب بيننا الخصام، كنت لا تستيقظ إلا على تدليلي ولا تستطيع الأكل أو النوم دون وجودي بقربك... كانت كل لحظات عشرتنا مشرقة بالسعادة والانشراح، نتحدث معاً، تساعدني في أعمال المنزل وأهتم بما يشغلك في عملك، كنت أعرف كل صغيرة وكبيرة في حياتك، وكنت لا أخفي عنك أي أمر ولكن ما الذي حدث وكيف تغيرت وما سبب جفائك وتبدلك من النقيض للنقيض ومن القمة إلى السفح ومن التضحية إلى الأنانية؟ وكيف أصبحت تنام وظهرك في وجهي ويمر يوم واثنان دون أن تكلمني كلمة واحدة؟ لم تعد تعرف اللفتات الرائعة واللمسات الرقيقة، أصبحت لا تتذكر أيامنا الجميلة ومناسباتنا السعيدة، فلا نزهة ولا هدية ولا تهنئة بأي مناسبة من مناسباتنا، لم يعد يهمك فستاني الجديد ولا تسريحة شعري، ولم تعد تعترف الآن بمجاملتي وإطرائي، ولم تعد تهتم لحزني ولا لألمي ولا لخصامي، وبعد أن كانت غرفة نومنا لنا نحن فقط ولا يشاركنا فيها أحد أصبح يعيش فيها عشرات العيون التي تشاركني فيك من مجلات وجرائد وتلفزيون، وإذا ناقشتك أو عاتبتك يزداد بعدك ولا تشعر بأني أكاد أموت غيظاً وأتمنى أن أصرخ في وجهك لعلك تشعر بوجودي بجانبك، تناسيت أني أنثى وزوجة تحبك، فأنت لا تعيرني اهتمامك إلا إذا أردت أنت ذلك، أما مشاعري فأصبحت تستهزئ بها ولم تعد تحس بأن هناك زوجة أهملتها، زوجة تحمل في كيانها حزناً عميقاً، وما يؤلمني بأني أخبرتك العديد من المرات بحاجتي واشتياقي لك، أحتاج لكلماتك الرقيقة ولكنك تصمت مرات أو تنهرني وتتهمني بأني إنسانة لم يؤثر فيّ كبر سني، وتصفني بوصولي لمرحلة المراهقة المتأخرة ؛لأني أطاردك بعواطفي، لا يا عزيزي أنا لا أطاردك ولكني أحبك فلماذا تصر على أن تشعرني بأني كبرت حقيقي؟ لقد كبر عمري ولكن كبر معه إحساسي تجاهك وكبر معه حبي ونضجت عواطفي وازدادت مشاعري قوة عن الماضي، وأنت يا سيدي تتوهم أن مشاعري شاخت رغم تأكدك أنك مازلت تعيش في أعماقي وأني على استعداد لفعل أي شيء لاستعادتك كما كنت،
فأنا قد تشربت حبك وتعوّدت منك الاهتمام والرقة والحنان، ولن أرضى بأن تعاملني بهذا الأسلوب بعد أن وصلنا إلى هذا العمر، ولأني من وجهة نظرك امرأة تعيش مرحلة منتصف العمر فمن قال لك يا زوجي العزيز إن منْ في مثل عمري لا تحتاج من زوجها كلمة حب أو لزجاجة عطر أو لقبلة رقيقة أو همسة صدق، إن ما تعيشه يا زوجي العزيز هو أزمة فهم وليس أزمة حب؛ لأن حبي مازال يقبع بداخلك، ابحث في أعماقك فلا يمكن لمشاعرك أن تموت ستجد هناك جذوة مشتعلة تستطيع أن توقظها قبل أن تموت.