وجه يارا المشوه.. رسالة وجع من بيروت إلى العالم

يارا السعيد
يارا ووالدها ووالدتها
الطفلة يارا
الدكتور نادر صعب
7 صور

أصيبت الطفلة يارا وليد السعيد «4 سنوات» بتشوّهات في وجهها؛ نتيجة الانفجار الذي وقع في مرفأ بيروت منذ فترة؛ فهي كانت جالسة في غرفة المعيشة في منزلها بمنطقة الكرنتينا القريبة من المرفأ، تلعب بالهاتف حين دوّى الانفجار وسقط الزجاج عليها، ووجدت نفسها مغطاة بالدم.
تحوّلت هذه الطفلة البريئة إلى رمز حيّ لهذه الكارثة، التي خلّفت وراءها الكثير من الدمار والخراب، لدرجة أن انتشرت صورتها حول مختلف أنحاء العالم.
فشكّلت ملامح الطفولة والمجروحة في آنٍ، والمرفقة بابتسامة استغراب على ثغرها، مشهداً مؤثراً للغاية.


الوالد والوالدة المفجوعان

6979816-794592852.jpg


يقول الوالد وليد لـ«سيدتي»، التي زارته، إنه لا يصدق هول الفاجعة التي حصلت؛ فهو كان نائماً في المنزل، وابنته يارا في غرفة المعيشة، أما زوجته عليا وابنه خالد فكانا في الشارع.
«استيقظتُ على صوت الانفجار، وقد أصبت ببعض الجروح بيدي وقدمي، ولكنني لم أصدّق عيني عندما شاهدت ابنتي يارا مغطاة بالدم، ركضت بها نحو السلالم، حملتها وصعدت بها في سيارتي التي تحطّم زجاجها وسقفها، توجهت بها مع قريب لي إلى مستشفى الروم (الأشرفية)، الذي كان بحاجة هو الآخر إلى من ينقذه، ومن هناك انتقلت بها إلى مستشفى أبو جودة، وفي هذه الأثناء كانت زوجتي تصرخ؛ لأنها ظنت أن ابنتها ماتت عندما شاهدتني أحملها.


انتظرنا عدة ساعات في قسم الطوارئ المليء بالجرحى، إلى حين وصول الطبيب الذي عالج الجروح بشكل سريع؛ لوقف نزيف الدم في الوجه، وكنت في هذا الوقت أتواصل مع أقرباء لي في ألمانيا؛ حتى يقدّموا الاستشارة الطبية حول اسم طبيب تجميل؛ للتبرّع بعملية تجميل ليارا.
بعد الانتهاء من علاج الجروح وخياطتها بشكل سريع، نقلتها إلى مستشفى خاص؛ لإجراء عملية لها، وهي بحاجة إلى مرحلة من العلاج الطويل؛ من أجل أن يعود وجهها إلى ما كان عليه قبل الانفجار، وللأسف أقول إنه لا أحد من المسئولين والقياديين اللبنانيين كلّف نفسه عناء الاتصال الهاتفي للاطمئنان على صحة ابنتي، ما نعيشه اليوم هو وضع كارثي ومأساوي؛ خاصة أن الشعب يقف إلى جانب الشعب، تدمّر بيتي تماماً، ولم يعد عندي مأوى ألجأ إليه».
ويضيف وليد قائلاً: «شاهدت يارا وجهها في المرآة من دون أن تدرك ما الذي حصل وشوّه جمالها؛ بل كل ما تقوله إنها سمعت صوتاً قوياً، وشاهدت الزجاج يتطاير في المنزل، لا أخفي سراً إذا قلتُ إنها اليوم في وضع صحي ونفسي صعب، تخاف من تكرار الأمر، وتكرار الأسئلة عليها من جانب وسائل الإعلام، وأخاف عليها إلى أقصى الحدود، بعد أن كدت أخسرها، لاسيّما أن الأطباء أكدوا لي أن الجرح في وجهها سببه قطعة زجاجية تطايرت بسبب الانفجار، الأمر الذي أدى إلى حدوث جروحات وورم، تركت آثاراً واضحة».


انتشار صورة يارا وصغر عمرها


حول الانتشار الكبير لصورة يارا بعد الانفجار، ليس فقط في لبنان بل في جميع أنحاء العالم، يؤكد الوالد أن «هذا الانتشار الكبير والواسع؛ بسبب صغر عمر يارا؛ فلا ذنب لها بالذي حصل، والناس تضامنت معها وتعاطفت لأنها بريئة؛ خاصة أن إصابتها بوجهها كانت مؤثرة جداً».
ويختم وليد حديثه قائلاً، إنه يتمنى الهجرة وعائلته من لبنان؛ لأنه لم يعد يملك شيئاً ولا هدفاً للبقاء فيه.
أما الوالدة المفجوعة عليا؛ فتقول إنها عندما سمعت صوت الانفجار، تركت ابنها وحده في الشارع، وبدأت بالصراخ؛ خوفاً على ابنتها يارا، وكانت كلما تشاهد أحداً في الحي؛ تسأله عن ابنتها، إلى أن رأت زوجها ينزل من البيت حاملاً بين يديه الطفلة الملطخة بالدماء، عندها ظنّت أن ابنتها تُوفيت، إلى أن تأكدت أنها تتنفس.
تضيف عليا قائلة: «مرّت عليَّ لحظات قاسية وصعبة جداً، كنا نعيش بأمان وسلام، ولا أدري ما الذي حصل حتى يومنا هذا، أشكر ربي لأن ابنتي لاتزال على قيد الحياة، رغم التشوهات التي أصيب بها وجهها، وأتمنى أن تعود إلى حياتها الطبيعية، وإلى مدرستها وغرفتها وألعابها.. بصراحة ننام على الرصيف أنا وابنتي؛ لأن البيت تدمّر تماماً، ولا نملك حتى غرفة نوم أو معيشة حتى نسكن فيها».


وجي واوا

6979811-2006089498_0.jpg
أما الطفلة يارا، فتقول: «أنا منيحة بس وجّي واوا»، وقد سمعت صوتاً قوياً وشاهدت الزجاج يتطاير، وأن والدها قد حملها ونزلا السلالم، بالإضافة إلى أنها تحب الألعاب كثيراً، ولا تترك أبداً لعبتها التي تحافظ عليها بين يديها.
الدكتور نادر صعب: سأعالج وجه يارا وأجعلها أجمل فتاة
أما الطبيب وجرّاح التجميل نادر صعب؛ فيقول لـ«سيدتي» عن تبنيه للطفلة يارا فيما يتعلق بمعالجة وجهها المشوّه: «إن المرحلة الأولى ستكون علاج الجروحات والندبات بواسطة الليزر؛ خاصة أنه قد تمّ خياطتها بشكل سريع في قسم الطوارئ، الذي لجأت إليه الفتاة إثر وقوع الانفجار، ومن ثَم تتم معالجة الانحراف في الفم، ومعرفة سببه؛ هل هو ناتج بسبب الورم، أم بسبب وصول الزجاج إلى عصب الوجه وإصابته بأي خلل؟! المهم أن الفتاة بخير، وهي على قيد الحياة، وأنا وعدت أهلها بمساعدتها قدر المستطاع؛ حتى أجعلها أجمل فتاة».