ثقافة العطاء بلا مقابل

الشيخة هند بنت سلمان آل خليفة

 

يثمر الجو الأسري الهادئ والمفعم بالحب والاحترام، عطاءً غير محدود للمجتمعات، ويبني علاقة وطيدة بين الفرد ومجتمعه، في شتى المجالات وتعد الأسرة منبعاً للتربية الأصيلة، ومصدراً للقيم النبيلة، ومنبعاً للإلهام والعطاء، وهي أبرز المؤثرات في سلوك الفرد منذ نعومة أظفاره، تليها المؤثرات الأخرى الخارجية.

هكذا كان الجو الأسري الذي تربيت وعشت فيه والذي رسم تفاصيل شخصيتي الأولى، وألهمني الكثير، وحفزني على البذل والعطاء بلا حدود وعمل الخير على وجه العموم، فكانت ثقافة العطاء دون مقابل هي أسمى الصفات الإنسانية التي تربيت عليها وانغمست فيها وما زلت.

فالعطاء في حد ذاته مسؤولية والتزام، مسؤولية من حيث إنك تستشعر احتياجات من حولك، والتزام من حيث إنك تحترم الجانب الإنساني والتطوعي في عطائك، تعلمت هذه القيم منذ الصغر، فتحولت إلى سلوك يومي، وكان له أن ينثر في حياتي ورود السعادة والطمأنينة، فالخير يسعد صاحبه دوماً.

 تعلمت وأنا طفلة دروساً طبعت في ذاكرتي وأصبحت إلهاماً لحياتي، ومن أول الدروس التي تعلمتها في محيطي الأسري ومازلت أمضي فيها، أن أحترم العلم كما أحترم الكبير والصغير والغريب، وأن يكون الكتاب رفيقي، وأن أحترم الوقت ويكون العطاء بكل أنواعه الوجه الآخر لي، ويكون هذا العطاء لحبي للآخر الذي قد لا أراه ولا يعرفني، وأن أعمل لأصل ولا أرضى أبداً بكلمة الفشل التي رفعتها من قاموس حياتي، وأن أعمل عملاً يرضاه لي ربي ويبارك لي فيه، فكانت هذه عناصر مهمة للنجاح في حياتي.

كما يكون العطاء في محيط الأسرة مشاركة وتفاهماً؛ لكي تستمر الحياة وتستقر على أسس متينة.

 

لقد تعلمت أن التجربة وتكرارها، هي من تعلمنا ما نريد، وأن لا شيء مستحيلٌ عندما نقرر أن ننجح وأن نلغي كلمة تدعى «اليأس» من قاموس حياتنا، وأن للنجاح أبواباً نفتحها بشخصيتنا الواثقة من قدراتنا ومن تصميمنا ومسؤوليتنا على المثابرة والعمل والسعي الدائم؛ لأن نزود أنفسنا بكل ما نحتاجه من معرفة ومهنية وثقافة، وألا يكون الفشل هو الشماعة التي نعلق عليها إخفاقنا، بل نعيد الكرة ونقحتم أبواباً جديدة، بعد أن نمكن أنفسنا بأدوات جديدة لنتغلب فيها على الصعاب في عالم أصبح نابضاً بالتغيير والتجديد في كل ثانية، مع معرفتنا أن التعلم والتعليم يجب أن يستمر معنا مدى الحياة لمواكبة التغيرات المتسارعة.