الشاعرات يقبَلنَ التحدّي

نادين الأسعد

 

الشعر عالم جميل، فراشات شقيّة، دهشات ورسومات وغموضٌ لا يُضجِر.

الشعر هدية لا تنتهي شرائطها الملوّنة، كلّما نزعت شريطاً ظهر آخر وكل شريط مختلف عن إخوانه من ألوان الأدب والأوزان والقوافي والكلام المقفَّى...

للشاعرات مكانة عظيمة استحوذَن عليها منذ بدايات الشعر العربي إلى يومنا هذا، ومع ثنائية القصيدة الكلاسيكية وقصيدة الحداثة، انقسمت الآراء بين مؤيّد ومندّد، وكلّنا مطّلع على هذا الموضوع. لكن، أين هو حضور القصيدة الأنثى إلى جانب القصيدة الرجل، وأين المرأة الشاعرة اليوم من الشعر بين القصيدة المتأرجحة بين الأصالة والحداثة وبين القصيدة الخالدة والقصيدة الزائلة واليوم العالمي للمرأة؟

الشعر لا يعترف بالعنصرية، لا يميز بين جنس وآخر، بين لون ولون وبين لغة وأخرى، وللمرأة يوم في السنة للاحتفاء بها وبما ستكون عليه، فلماذا؟

هذا الاحتفال ما هو إلا دليل على انتقاص حقوق المرأة واعتراف بأنها ما زالت تحتاج إلى تمكين وتحديث وتطوير قدراتها المقبلة، المرأة لا تحتاج إلى يوم باسمها، لأن اسمها حياة، والحياة لا تنتظر أحداً، فالشعر يحتاج إلى اجتهاد وعصامية، ولا يخلو بيت فيه امرأة من هاتين الصفتين، فكيف بالتالي حال الشاعرة، فما مرّ عصر من العصور التي مر بها الشعر العربي من دون وجود شاعرات عربيات أجدنَ الشعر ولمعت أسماؤهن في سماء الشعر العربي، وغدت تضاهي أسماء كبار الشعراء العرب إن في الرثاء أوالغزل أوالحب وفي مختلف أنواع الشعر الأخرى. واستلهاماً من الحب والقسوة، من الشوق والغربة، من الحزن والتقوى، أسهمت الشاعرات بشكل كبير في الشعر، واشتهرن بقصائدهن، ومع ذلك ما تزال بعض المجتمعات تتجاهل شعرهن في الدراسات الأدبية العربية ويتم تهميشهن بشكل منهجي على اعتبار أن الشعر النسائي غالباً ما يتم نسيانه وعدم تداوله.

وعلى الرغم من هذه التحديات، حققت الشاعرات مؤخراً نجاحاً في المحافل الشعرية، واحتدم التنافس مع نظرائهن من الرجال في مسابقات الشعر الشهيرة، أمّا واقع الحال الالكتروني فقد فرض سرعة انتشار الشعر عموماً والشعر النسائي الحديث خصوصاً. وهذا الواقع هو سيف ذو حدين فالانتشار السريع والسهل أصبح في متناول جميع الناس، فبعض الشعراء يستحقون التصفيق والبعض الآخر ممن يحسب نفسه شاعراً أو شاعرة مخطئ في تصوّره ليتبيّن لاحقاً أنه ليس أكثر من شويعر أو شويعرة..

باتت شاعرات اليوم يعبّرن بحرية أكثر عن ولههن وعشقهن في القصيدة وهو ما أسهمت الحداثة في فرضه في مجتمعاتنا، إلّا أن حرية التعبير قد بلغت أحياناً درجة المصارحة والمباشرة فيما القصيدة هي حالة من الانخطاف والحلم.

الشعر لا ذكر ولا أنثى، الشعر هو القصيدة الجميلة فقط، وأنا لم أضجر من جمال الشعر ومن التحدث إليه، ولم أشبع من جمال القصيدة ومشيتها الملكية، ولم أتململ من تواضعها في وردها وعطرها، وكلّما رفع الضجر أمامي ستارة، رفعت بوجهها أحلاماً موهوبة ً شعراً وكتابة وإعلاماً.