يُطلق على سان بطرسبورغ الروسيّة اسم "فينيسيا الشمال" لقنواتها المائيّة، وهي أيضاً "نافذة روسيا على أوروبا"، نتيجة موقعها، ومدينة لا يمكن الإحاطة بمعالمها في رحلة واحدة، لكثرة مواقعها السياحيّة... سان بطرسبورغ الواقعة على "دلتا" نهر "نيفا"، ميناء هامّ على بحر البلطيق، ومدينة تُعرف بأنّها عاصمة روسيا الثقافيّة؛ لتعدّد المتاحف والمسارح والمعارض، بالإضافة إلى الأبنية بديعة العمارات فيها. يسكن أكثر من 5 ملايين نسمة راهناً المدينة، التي كانت تأسّست في عام 1703، وقامت خلال قرنين (1712-1918) بدور عاصمة الإمبراطورية الروسية.
في الآتي، لمحة عن أماكن سياحية، في سان بطرسبورغ، التي سمّيت باسم بتروغراد (1914-1924) ولينينغراد (1924-1991).
"الإرميتاج" سبب لزيارة سان بطرسبورغ
- تقول الحكاية إن الشابّة الألمانيّة كاثرين الثانية (1729 - 1796)، واسمها الحقيقي هو صوفيا فريدريكا (يكاترينا الكسييفنا، بالروسيّة) جاءت الأراضي الروسيّة في عام 1744 بصحبة والدتها، بدعوة من القيصرة الروسية إليزابيت بتروفنا لعقد قرانها على قريبها ولي عهد روسيا الأمير بطرس الثالث، قبل أن ينصّب الأخير قيصراً. لكن الزوجة ساعدت في الانقلاب عليه بعد ذلك، لغياب الودّ عن علاقتهما. اعتلت كاثرين الثانية عرش روسيا في 1762. أسّست كاثرين الثانية التي عُرفت بـ"كاثرين العظيمة" متحف "الإرميتاج" في 1764 لغرض عرض مجموعتها الفنّية الخاصّة، فقد كانت مشغوفة بالثقافة والفنّ، كما للاختلاء بذاتها أو قضاء الوقت مع وصيفاتها المقرّبات منها، هرباً من قواعد بروتوكول الحكم.
- بين 1840 و1852، أُعيد بناء "الإرميتاج"، في عهد نيكولاس الأوّل، ليفتتح المتحف للعامّة في 1852.
- أمّا بعد ثورة 1917، فقد أُعلن المتحف ملكاً للدولة السوفييتيّة، وضمّ مجموعة من المتاحف الأخرى التي كانت منتشرة في ضواحي "سان بطرسبورغ" والمجموعات الخاصّة التي جرى الاستيلاء عليها وتأميمها، فتضاعف مخزونه.
- خلال عشرينيّات القرن العشرين، وثلاثينيّاته، في ظلّ حكم ستالين، أمرت الحكومة ببيع أكثر من ألفي تحفة فنية من "الإرميتاج"، وقد تضمن ذلك بعض أثمن مجموعاته.
- في الأصل، كان "الإرميتاج الصغير" المبنى الوحيد الذي يضم المجموعات الفنّية، لكن توسّع المتحف ليشتمل على العديد من المباني: "الإرميتاج القديم" المعروف أيضاً باسم "الإرميتاج الكبير" و"الإرميتاج الجديد" و"مسرح الإرميتاج" و"قصر الشتاء" الذي ارتفع في 1762، وأصبح قياصرة روسيا يتخذوه مقرّاً للإقامة. كان القصر شُيّد من طرف الإمبراطورة إليزابيث، ابنة بيوتر الأوّل. في السنوات الأخيرة ، توسّع "الإرميتاج" ليضمّ مبنى الأركان العامة في الساحة المواجهة لـ"قصر الشتاء"، وقصر منشكوف الذي كان أول عمارة حجريّة في المدينة، وذلك في 1711 حين افتتح، ليستقرّ حاكم "سان بطرسبورغ" ألكسندر منشكوف فيه، ولو أن الأعمال تتابعت فيه حتّى 1727.
- يصنّف "الإرميتاج" على لائحة أكبر المتاحف في العالم، فهو الثاني بينها، إذ يمتدّ على مساحة تربو على 765 ألف قدم مربّع، ويجذب راهناً إليه أكثر من 4 ملايين زائر في كل عام. الجدير بالذكر أن "الإرميتاج" هو السبب لزيارة "سان بطرسبورغ" من قبل بعض السائحين، سواء للمعمار الرائع أو للمعروضات، التي تقدّر بـ3 ملايين قطعة، بعضها يرجع إلى العصر الحجري...
نواة "سان بطرسبورغ"
يُقال إن "قلعة بطرس وبولس" هي المكان الذي تأسست فيه سان بطرسبورغ؛ فقد أمر بطرس الأكبر ببناء حصن في جزيرة "هير" عام 1703، على أن تشتمل أقسام الحصن على صرح بطرس وبولس، الذي يحتوي على برج الجرس. يعدّ الأخير أحد أطول مباني المدينة. من أقسام الصرح، أيضاً، كاتدرائية تضم مقابر العائلة الإمبراطورية الروسية، بما في ذلك بطرس الأكبر ونيكولاس الثاني وكاثرين العظيمة. في أوقات مختلفة من التاريخ الروسي، قام الحصن بأدوار عدة، كالقاعدة العسكريّة والمركز الخاصّ بالإدارات الحكوميّة وموقع التجارب العلميّة، والسجن...
قصر شبيه بـ"فرساي" الفرنسي
"بيترهوف" كلمة هولنديّة تعني "قصر بطرس"؛ القصر المسمّى أيضاً "القصر الصيفي" كان خاصّاً بالقيصر بطرس الأكبر، وهو مدرج على لائحة مواقع اليونسكو للتراث العالمي، ويُشبه قصر "فرساي" الفرنسي. كان زار بطرس الأكبر فرساي في 1717 وعاد إلى سان بطرسبورغ محمّلاً بالعديد من الأفكار لتعزيز قصره وأراضيه الصيفيّة، التي كانت قيد الإنشاء. يبعد القصر نحو 25 ميلاً جنوب غربي سان بطرسبورغ، لذا يتطلّب بلوغ المكان استقلال القارب خارج متحف "الإرميتاج"، في وسيلة تسمح بالإطلالة على المدينة من خليج فنلندا. يرجع تاريخ القصر إلى عام 1709 علماً أن التصميم الأولي للقصر وحدائقه كثيرة النوافير (173 نافورة) المذهّبة، صمّمها المهندس المعماري الفرنسي جان بابتيست ألكسندر لو بلوند، وأن العديد من المهندسين تابعوا العمل بعد ذلك، بخاصّة أن القصر هدّم خلال الحرب العالميّة الثانية...
مرشد سياحي في "سان بطرسبورغ"
المواقع السياحية المذكورة آنفاً غيض من فيض المحطّات السياحية في "سان بطرسبورغ" حسب المرشد السياحي المرخّص زياد ذويب.
يقول المرشد السياحي لـ"سيدتي" إنه "على السائح الراغب بزيارة المدينة الثانية في روسيا، تخصيص أسبوع للاطلاع على معالمها الأهمّ"، مضيفاً أن الرحلة السياحيّة "التقليديّة" إلى روسيا تمتدّ إلى عشرة أيّام (أو أسبوعين)، وتجمع بين العاصمة "موسكو" وسان بطرسبورغ. وهذه الأخيرة مناسبة للسياحة العائليّة مع الأطفال، إذ تكثر النشاطات الخاصّة بالفئة العمرية المذكورة، مثل: التزحلق على الجليد أو الألعاب التي تتخذ هيئة المغامرة والاكتشاف أو البحث والتنقيب الثقافي، وذلك في عدد من المتاحف، بالإضافة إلى مسارح الأطفال، لافتاً إلى أن سان بطرسبورغ تحتوي على حديقة للحيوان "معتبرة" حسبه، و"متحف البحر والمحيطات" و"متحف النباتات".
