المهندس كارل جرجس: مستقبل العمارة والتصميم في الوطن العربي مشرق

المهندس اللبناني كارل جرجس
المهندس كارل جرجس
من مشروع "ذا سكوير" بالتعاون مع علامة "بوتيغا فينيتا"
من مشروع "ذا سكوير" بالتعاون مع علامة "بوتيغا فينيتا" الإيطاليّة
واجهة فيلّا شمس مستلهمة من العلاقة بين الموسيقى والهندسة
واجهة فيلّا شمس مستلهمة من الرابط بين الموسيقى والهندسة
العمارة الداخليّة لفيلّا شمس
جانب من العمارة الداخليّة لفيلّا شمس
 مشروع "نزل قانا"
من مشروع "نزل قانا"
مشروع "نزل قانا" للمهندس كارل جرجس
مشروع "نزل قانا"
لقطة من زاوية مختلفة لواجهة فيلّا شمس
لقطة ثانية لواجهة فيلّا شمس
فيلّا شمس 
واجهة فيلّا شمس 
المهندس اللبناني كارل جرجس
المهندس كارل جرجس
المهندس اللبناني كارل جرجس
من مشروع "ذا سكوير" بالتعاون مع علامة "بوتيغا فينيتا"
واجهة فيلّا شمس مستلهمة من العلاقة بين الموسيقى والهندسة
العمارة الداخليّة لفيلّا شمس
 مشروع "نزل قانا"
مشروع "نزل قانا" للمهندس كارل جرجس
لقطة من زاوية مختلفة لواجهة فيلّا شمس
فيلّا شمس 
المهندس اللبناني كارل جرجس
9 صور

لا يخلو الحديث مع المهندس اللبناني كارل جرجس من عمق، فالشاب كثير الأسفار والهاوي للتاريخ والمتأثر بـالعمارة السياقية والمحب للطبيعة، ينهل من مراجع شتى حتى يخرج أعمالًا إبداعيّةً متفرّدةً، منطلقاً من الذات ومحيط المشروع وطبيعة الأخير. هذه النظرة ثلاثية الزوايا إلى ميداني العمارة والتصميم، تثري الأعمال، وتدفع إلى تأملها طويلاً، على الرغم من أن الأخيرة «متقشفة»! كان كارل يعزف على البيانو ويقرع على الطبول في سن صغيرة، ثم هو أسس مع زملاء الدراسة في الجامعة الأميركية في بيروت حيث درس الهندسة، فرقة «مشروع ليلى» عام 2008. في الحوار الآتي نصه، هو يتحدث إلى «سيدتي» عن مشروعه الأخير في دبي، وكيف يلتقي كل من الموسيقى والتصميم في ممارساته...
__
كيف ترتبط الموسيقى بهندسة العمارة والتصميم؟

المهندس كارل جرجس


لطالما كانت هندسة العمارة والموسيقى متصلتين، من خلال الإيقاع والاتساق والانسجام، فهذان العالمان يشتركان في مجموعة من الرموز، التي يشتغل بها كل من مهندسي العمارة والموسيقيين. لناحية أعمالي، يقدّم مشروع «فيلا شمس» ببعلبك (شمال شرق بيروت) نموذجًا عن ذلك، فهو مستلهم من الرابط بين الموسيقى والعمارة، لا سيّما في واجهته الرئيسية، بجدرانها وأعمدتها المتسلسلة والمتساوية في البعد،

واجهة فيلّا شمس مستلهمة من الرابط بين الموسيقى والهندسة

ما يجعل الإيقاع يتدفق، والمساحات التي يتكشف البناء عنها تنفتح تارة، وتنغلق تارة أخرى.

جانب من العمارة الداخليّة لفيلّا شمس

لناحية دوري الموسيقي في فرقة «مشروع ليلى»، أضف إلى العزف، كنت على الدوام منخرطًا في تصميم المسارح التي نؤدي عليها. أستذكر، في هذا الإطار، تجربتي مع الفنّان البريطاني أوليفر بير، حيث قمنا بدمج الصوت بالضوء والفضاء المعماري، وذلك في «القصر الكبير» بباريس أو «ميت بروير» بنيويورك. لا أفرّق بين الفضائين الموسيقي والهندسي، ومنذ تأسيس استديو الهندسة، أقارب المشاريع مقاربة مسرحيّة، لتبدو كأنها سلسلة من اللحظات، وذلك بدلًا من مجموعة من المساحات.

المجلس بين التقليدية والحداثة

من مشروع "ذا سكوير" بالتعاون مع علامة "بوتيغا فينيتا" الإيطاليّة

لقد عدت للتو من دبي، حيث أتممت مشروعًا جديدًا مع «بوتيغا فينيتا». أخبرنا المزيد عن هذا التعاون؟
يمثّل التعاون مع «بوتيغا فينيتا» طريقة مثالية للربط بين العمارة والمساحة والموسيقى وتجمّع الناس، وهو يدفع بمجتمع الفنانين والمفكرين في هندسة العمارة إلى الأمام. موضوع التعاون هو تصميم مجلس (ذا سكوير)؛ في تفاصيل المكان، تبدو عناصر تقليدية متشابكة مع أخرى تصميمية حديثة وأحاديث العصر. يتخذ المجلس هيئة مربّع أخضر (لون العلامة الإيطالية) ويقع داخل هيكل مكعب، مع حضور خلفيات من نمط الأرابيسك. خلال شهر رمضان، كان استضاف المجلس الشعراء والفنانين والمثقفين من خلفيات «انتقائية» للنقاش، علمًا أن الضيوف كانوا من طائفة الكلاسيكيين أو المحدثين في مجالاتهم. في العمل على المشروع، راعيت تراث العالمة (بوتيغا فينيتا) والطابع الابتكاري لها، مع تقديم التحية للعمارة الإيطالية، كما عكست كرم الضيافة المحلي والدفء واللغة الدارجة في المجلس الخليجي. الجدير بالذكر أن نموذج «ذا سكوير» سيعمّم في فروع العالمة بمدن مختلفة.

في عداد مشاريعك الأولى في عالم التصميم، توليت العمارة الداخلية لشقتك الخاصّة. كيف أثّر هذا المشروع على حياتك المهنية؟
عندما شرعت في تصميم شقتي السكنية، منذ نحو ثمانية أعوام، لم أخل أبدا أنها ستكون موضوع غلاف مجلة Architectural Digest، وموقع تصوير فيلم «أصحاب ولا أعز» لصالح «نتفليكس»! الشقة هي بمثابة ملاذ لي؛ نمط حياتي المحموم مع الفرقة والتجول والسفر المستمران، كلها أسباب جعلتني أفكر بالفراغ المعماري، وبطريقة تصميمه بصورة تؤمن لي الهدوء والاطمئنان بعد الرجوع إليه. الشقة بمثابة مأوى يقيني من ضوضاء وتلوث العالم، ومكان يمكنني من الرجوع خطوة إلى الوراء وقطع الاتصال بما يحيط بي والطهي والاستماع إلى الموسيقى والاستراحة. تتمركز شقتي في الطبقة الأخيرة من مبنى مصمم حسب طراز الـ«آرت ديكو»، ومشيد في ثلاثينيات القرن الماضي، وتبدو فريدة من نوعها لأنها لا تزال قائمة على الرغم من «غزو» الأبنية المعاصرة لمحيطها. كانت الشقة متداعية تماما عندما تملكتها، وذلك بعد أن تخلت عنها عائلة مكونة من أربعة أفراد كانت غادرت البلد خلال الحرب الأهلية اللبنانية؛ النوافذ والأبواب متهاوية والجدران مخترقة بالشظايا، ومياه المطر تتسرب إلى المكان!

كيف تصف علاقتك بالمواد الطبيعية، بخاصة الحجر المتوافر في معظم التصاميم الخاصة بك؟

من مشروع "نزل قانا"


على الرغم من أن طبعي دقيق للغاية، إلّا أنه لا غنى عن العفوية في أي مشروع إبداعي؛ ففي هندسة العمارة، تضفي الطبيعة عنصر الصدفة، الذي غالبًا ما أستسلم له. في الواقع، أغذي ذاتي بفكرة أن الطبيعة تقوم بعملها بشكل مثالي، لدرجة أن أي مهندس يجب أن يقصر تدخلاته الهادفة إلى تطويعها، ومجرد معاينة أين تقوده الطبيعة في الموقع، ببساطة، وصولًا حتى نجاح المشروع. أرى أن التحدي الحقيقي هو بناء مشروع تندمج حركة الطبيعة به، مع مساعدتها على النجاح، بطريقة ما.

مشروع "نزل قانا"

في هوى التاريخ

في أعمالك التصميميّة، هناك احترام للأسلاف ولهوية المشروع. هل يشير هذا الاتجاه إلى الالتزام بقواعد التصميم والبناء عليها؟
أنا من أنصار التصميم السياقي (ربط العمارة بسياق أو موقف)، ومن محبي الطبيعة والتاريخ؛ هذه هي العناصر التي تشكل لغتي المعماريّة. لذا، أعمل بنشاط من أجل الوصل بين المشروع الذي أشتغل عليه والثقافة والجغرافيا، مع إعطاء الأولوية لاستخدام الموارد المتاحة على الصعيد المحلي، كما توظيف الحرفيين الذين يمتلكون المعرفة التقليدية والمحلّية. كانت الأسفار سمحت لي بفهم دور الحرفيين في إثراء مدنهم. للأسف، ممارسات هذه الطائفة من البشر آيلة إلى الزوال، الأمر الذي يحتم إنقاذهم ومساعدتهم على العيش. ربما لهذا السبب أشعر أن التقنيات الحرفية تشابه إلى حد ما أساسيات لغتي المعماريّة. ففي كل مرة، أنغمس فيها في تعلم تقنيات جديدة، كتكنولوجيا النجارة اليابانية مثلًا، أحاول تكييفها وإعادة اختراعها بطريقة ما. تضفي هذه اللمسة طابعًا إنسانيًّا على أي مشروع معماري.

في إحدى مقابلاتك، تقول إنّك تحلم بتصميم المتاحف والحمّامات الحرارية؛ ماذا تعني لك أمكنة الاجتماع والثقافة في البيئة الحضريّة من وجهة نظر هندسيّة؟
على النقيض من المشاريع السكنية والتجاريّة، في المشاريع الصحية والثقافية ثمة ما هو متسام. تسمح خصائص هذه المساحات ونسبها وأشكالها ووظيفتها للناس بالوصول إلى حالات وجودية، واختبار مشاعر، مثل: الهدوء والرهبة والإعجاب والتنوير والرفاهية والكمال والفرح...

احترام السياق

في أعمالك التصميمية، أرى أن الخطوط الجالسة تفرض نفسها.. هناك شيء من الرصانة في الأسلوب؛ هل توافقني؟
أودّ أن أعتقد أن عمل الاستوديو الخاص بي يركز على التواضع واحترام السياق والتاريخ وعملائنا. بالتالي، أتجنب عادة الاشتغال بصورة مبالغ بها بل أذهب إلى تصميم مساحة متواضعة وهادئة، ومن شأنها أن تبقى خالدة، مهما مر الوقت.

باختصار، كيف ترى مستقبل العمارة والتصميم في الوطن العربي؟
تشتمل سمات الجيل الجديد من مهندسي العمارة والمصممين، الذين نشأوا في العالم العربي، على: الفضول والشجاعة والانفتاح على العالم وكثرة الأسفار... تعزز السمات المذكورة الإلهام والإبداع. لذا، أستشعر بأن المستقبل مشرق.