المهندسة مارين بسترس: الثقافة الشرقية غنية وقابلة للدمج بالتصميم الحديث 

تمتدّ أعمال مهندسة الديكور ومصمّمة الأثاث اللبنانيّة مارين بسترس، في دول عدة عربيّة وأوروبيّة، وتقدّم مقاربة في التصميم لا تتفلّت من الجذور، على الرغم من الحماسة للمعاصرة. تحرّك الثنائيات عمل بسترس؛ المزيج بين الشرق والغرب، وبين القديم والمعاصر، ما يطبع الأسلوب بطابع محفّز على استرجاع الماضي للكشف عن لمحات فيه معادة صياغتها.
في الحوار الآتي نصّه، تسأل "سيدتي" المهندسة بسترس عن سنوات النشأة والتعليم والأسلوب، وتغوص في عالمها التصميمي.
___

قدّمي نفسك، بإيجاز، لقّراء "سيدتي".
مارين بسترس، مهندسة ديكور داخلي ومصمّمة أثاث شابة من لبنان؛ ثقافتي شرقيّة، لكنّي عشت في أوروبا لبضع سنوات، لذا أعتقد أنّي أمزج الثقافتين الشرقيّة والغربيّة في تكويني.

باريس...

هل من حادثة أو سبب من مرحلة الطفولة أو المراهقة، مؤثّر في اختيارك السير في دروب التصميم الداخلي؟
أستطيع القول إن التأثيرات على قرار التوجّه إلى مضمار التصميم الداخلي ترجع إلى أصغر أعوام حياتي في باريس، حينما كنت أزور المتاحف والمعارض الفنّية، بصورة دائمة. وأعتقد أن العيش في مدينة جميلة مثل باريس لا يمكن إلا أن يجعل المرء ينغمس في الفنّ والجمال، ويصبح سريع التأثّر بهما.
ماذا بقي في بالك من فترة التحصيل الجامعي؟
الدروس الأهمّ مستقاة من سنوات "الألبا" (الأكاديميّة اللبنانيّة للفنون الجميلة) حيث التحفيز على الابتكار من دون أي قيود أو قواعد.

بناء هوية للمساحة

مشاريعك التصميميّة منوّعة، منها: السكنيّة والتجاريّة، بالإضافة إلى التجهيزات الفنّية. كيف تقاربين التصميم؟
التصميم الداخلي بشكل عام هو أسلوب حياة يلبّي حاجات الأفراد الذي يشغلون الفضاء المعماري، كما يتناسب مع شخصيّاتهم، أمّا لناحية المساحات التجاريّة، فإن التصميم يجعلها أمكنة يرغب فيها الناس في اختبار التجارب فيها، وينذهلون عند الوجود فيها ويتملّكهم الفضول لاكتشافها.. كل مشروع هو بداية قصة جديدة؛ لذا أقوم حال تولي أي مشروع، بتحليل التحدي الرئيسي، وتجاوز الحدود لمحاولة بناء هوية مناسبة لكل مساحة.

يبدو لي أن الأسلوب التصميمي المعاصر طاغٍ على مشاريعك، مع روافد من الثقافة اللبنانيّة.. كيف تصفين أسلوبك؟
أعيد تأويل جذوري الشرقيّة بطريقة حديثة؛ الثقافة الشرقيّة غنية للغاية ومثيرة للاهتمام وفريدة من نوعها، وهي قابلة لإعادة الإنتاج بطرق مختلفة. لذا، أحب الجمع بين الطرازين التقليدي والحديث، كما بين الأفضل في العالمين الشرقي والغربي، في تصاميمي. تركّز هويّة العلامة التجارية الخاصّة بي على الجرأة على تحقيق التباين، سواء في استخدام الألوان الجريئة لإبراز العمارة أو دمج التصاميم الحديثة بالتقليديّة.

مشاركة في دبي قريباً

هل تصميم المفروشات يرجع إلى متطلّبات كلّ مشروع تشتغلين عليه أم أن الأثاث الذي يحمل اسمك هو جزء من مجموعة تكبر شيئاً فشيئاً؟
صحيح؛ أبتدع مفروشات حصريّة لكل مشروع أتولّاه.. وأعلن عبر "سيدتي" أنّي سأقدّم مجموعة أثاث جديدة في معرض "داون تاون ديزاين" بدبي قريباً.

كيف تنظرين إلى مستقبل التصميم في الشرق الأوسط؟
في الشرق الأوسط، يمكن التحدّث بشكل خاص عن لبنان حيث يكثر الحرفيون الموهوبون الذين يعملون في ميادين متعدّدة مرتبطة بالتصميم. وفي المنطقة، يكتسب التصميم أهمّيةً متزايدةً، ما يسمح بالاعتراف بالمصمّمين على الصعيد الدولي أيضاً.
كيف تعبّرين عن اهتمامك بالبيئة في خطوات عمليّة، في عملك التصميمي؟
أعيد استخدام المواد في أعمالي، كما الزجاج المكسور الناتج عن تفجير 4 أغسطس (2020) في مرفأ بيروت، والذي يدخل في مجموعة الأثاث الجديدة التي أشتغل عليها. أضف إلى ذلك، أحب دمج قطع الأثاث العتيق بمشاريعي، لإعادة إحياء القطع المذكورة، كما أشارك في معارض محليّة هادفة إلى إعادة التدوير، وابتكار الأثاث من مواد مهملة.

الجوائز

كرّم تصميمك لأحد المشاريع التجاريّة المحلية في ألمانيا أخيراً؛ ماذا تعني الجوائز للمصمّم في العموم؟
في عام 2018، عُيّنت لإعادة تصميم العلامة التجاريّة والمتجر الرائد الشهير "نورا"، في وسط المدينة ببيروت، علماً أن العلامة عبارة عن "بوتيك" للحلويات والشوكولاتة. كان التحدي الرئيسي هو تجديد العلامة التجارية مع الحفاظ على هويتها، وقد نجحت في هذه المهمّة، وحصلت على "جائزة التصميم الألمانية" المرموقة في عام 2020. فخورة بالجائزة؛ فلم أكن أتوقع الحصول على اعتراف دولي في مرحلة مبكّرة من مسيري. عموماً من الجيّد نيل هذا النوع من الجوائز لأنه يبقي المصمّم على أهبة الاستعداد ويحفّزه على محاولة إنشاء الجميل والفريد والمستدام، والوصول إلى مقام الرضا. آمل أن أتمكّن من تحقيق المزيد في السنوات القادمة.

ما هي المشاريع التي تتابعين العمل عليها، في الأشهر الباقية من العام الجاري؟
كما أسلفت تسعدني المشاركة في معرض "داون تاون ديزاين" بدبي، وفخورة للغاية باختياري. أضف إلى ذلك، أعمل على التصميم الداخلي لمنتجع جديد في بافوس (قبرص) بالتعاون مع مكتب MSSM associates التصميمي، لغرض خلق مفهوم كامل مستوحى من الطبيعة وجمال ساحل البحر الأبيض المتوسّط. كما أتابع مشروعاً عبارة عن تصميم متاجر Prunier بيت الكافيار الفرنسي الشهير، فضلاً عن تولّي مشاريع سكنية في لندن وباريس وبيروت ودبي.

في سطور...

بعد أن تخرّجت مهندسة التصميم الداخلي مارين بسترس من الألبا" (الأكاديميّة اللبنانيّة للفنون الجميلة)، تابعت علومها في إيطاليا، في Scuola Politecnica di Design بميلانو، ونالت إجازة "الماستر"، وعملت في شركات تصميميّة مرموقة (لومبارديني22 Lombardini 22 و"صوايا وموروني" Sawaya & Moroni في ميلانو، و"غاتسيريليا ديزاين" Gatserelia Design في بيروت)، قبل أن تؤسّس "استديو" التصميم الخاصّ بها mb design Studios في بيروت عام 2017. تقع المكاتب في مبنى أثري يرجع تاريخه إلى عام 1940.