كاتبات عربيات: ثيمة الحزن قد تمنح النص بعداً إبداعياً

كاتبات عربيات: ثيمة الحزن قد تمنح النص بعداً إبداعياً
كاتبات عربيات: ثيمة الحزن قد تمنح النص بعداً إبداعياً
تهاني حسن الصبيح
تهاني حسن الصبيح
 ليلى المطوع
ليلى المطوع
مريم الزعابي
مريم الزعابي
د. زهور كرام
د. زهور كرام
جيزيل قساطلي
جيزيل قساطلي
مي عبد الهادي
مي عبد الهادي
كاتبات عربيات: ثيمة الحزن قد تمنح النص بعداً إبداعياً
تهاني حسن الصبيح
 ليلى المطوع
مريم الزعابي
د. زهور كرام
جيزيل قساطلي
مي عبد الهادي
7 صور

تسبب مصطلح «الأدب النسوي»، بضجة كبيرة في الأوساط الأدبية، على الرغم من أنّ كثيرين رفضوه، مؤكدين أن الكتابة الأدبية ليست مجالاً للتصنيف، فالإبداع لا يعترف بتقسيم الأدب إلى ذكوري، وآخر أنثوي، بل بالفكرة والرسالة والأسلوب، بينما راح آخرون، يتحدثون عن سمات أنثوية تميز بها هذا الأدب، منها ثيمة الحزن الألم، التي ظهرت في الروايات النسوية، بعضهم تناولها بشكل إيجابي، مبرراً وجودها، لكن آخرين تناولوها بشيء من السخرية، على حد تعبير إحدى الكاتبات، فما حقيقة وأسباب وجود هذه الثيمة، وهل تتغير وفق الزمن؟ أديبات يفسرن سبب وجود ثيمة الحزن والألم في كتاباتهن.





أعدّت الملف: دبي | لينا الحوراني Lina Alhorani
الرياض | محمود الديب Mahmoud Aldeep - جدّة | فاطمة باخشوين Fatima Bakhashween
المغرب | سميرة مغداد Samira Maghdad - بيروت | عفت شهاب الدين Ifate Shehabdine
القاهرة | أيمن خطّاب Ayman Khattab

 


تهاني حسن الصبيح: مشاعر الألم قادرة على استفزاز حواسنا وشدّنا إلى العمق

 

تهاني حسن الصبيح



لرجل لن تعرفه!


الألم هو أول مبتكر لصياغة فكرة جديدة تعبِّر عن الوجع من زوايا الروح، كما ترى تهاني حسن الصبيح، شاعرة وأديبة سعودية، والمفردات وحدها من تعبر عن هَوْل الصدمة بما يتفق مع الحدث وصداه. تتطرق تهاني إلى الخنساء، التي عرّفت في قصائدها الحزينة أن للأخوَّة عند العرب ميزاناً لا تعادل كفّته أي علاقة في الوجود، وأن دموع الأخت غالية، تثير صخب البحر. تتابع قائلة: «من أصدق القصائد التي قرأتُها للشاعر الكبير الراحل نزار قباني، كانت قصيدة رثى فيها ابنه الشاب توفيق، الذي ترك وراءه ظلاً منكسراً لأب لم تجف دموعه، فكان نصاً شعرياً معبِّراً ومبكياً».


صوت الإحساس


لا تنسى تهاني رواية (سيرانيو دي برجراك) للشاعر الفرنسي الكبير إدمون روستان؛ لأن البطلة كانت موغلة في إيلام من أحبها من دون أن تشعر، حتى طغت حواسها على فكرة الموت، واكتشفت أن صوت الإحساس الذي كانت تسكنه بدفئه وحنانه هو لرجل لم تعرف حقيقته إلا بعد موته».

تابعي المزيد: السّرقات الأدبية مؤلفات وأفكار ضائعة.. من يحميها؟

 

 


ليلى المطوع: للأسف صارت قضايا النساء وأحزانهن مادة للسخرية!

 

ليلى المطوع



هذه الثيمة وصف لحالة بشرية، لن تتغير!


الضغط الاجتماعي المتمثل في صور محددة، تنسج منذ طفولتنا، وعلينا أن نكونها نحن النساء، جعل أحزاننا تتشابه، برأي ليلى المطوع، كاتبة بحرينية، تتابع ليلى: «من يشتري الحزن يرغب في الإحساس به، هناك كاتبات لا يكتبن عن الحزن بشكل مباشر، ولكنك تشعر بالتعاسة وأنت تقرأ، والمرأة منذ القدم تكتب عن مشاكلها، وتعرضها بحثاً عن حلول، مثلما فعلت جين أوستن، أو الأخوات برونتي، ربما ما تراه حزناً يراه البعض سؤالاً أو توثيقاً لقضايا مهمة».

برأيي ليلى فإن هذه الثيمة ليست محصورة في الكاتبات، والحزن في رواياتهن ليس صفة نسائية، بل هي صفةٌ إنسانيةٌ، تستدرك قائلة: «لكن قضايا النساء وأحزانهن صارت مادة للسخرية، والقلم الذي يجيد وصف الحالات البشرية، خاصة حين تشعر بالحزن من دون أن يغرقك فيه الكاتب، هو روعة الإنسانية، ولا أعتقد أن الأعمال الأدبية ستتخطى هذه الثيمة، فنحن نكتب عن المجتمع وما فيه من قضايا».

تابعي المزيد: فتح باب التسجيل للمشاركة في معرض الرياض الدولي للكتاب 2022 .. حتى 20 يوليو

 


مريم الزعابي: أستبعد أن يستمتع القارئ بالحياة الوردية

 

مريم الزعابي



تأثير التطوّر التكنولوجي


تتساءل مريم الزعابي، كاتبة إماراتية، عن سبب هذا الكم الهائل من الألم الذي يتشعب بين الفقد، والحرمان، والانفصال العاطفي، في أوراق الكاتبات. تبحث أغلب النساء في رواياتهن مؤخراً، عن حلول لإصلاح وترميم القلوب المُتألمة عبر سطور النص السردي الذي يكتبنه، تتابع مريم: «السبب هي الأزمات والحروب وفراق الأحبة والوطن، والحب الذي لامس عواطف المرأة، هنّ يبحثن عن طوق النجاة من خلال السطور التي يكتبنها».


لا أختلف عن زميلاتي!


تأمل مريم أن تتغير هذه النظرة التي تعدّها سوداوية في الرواية، تستدرك قائلة: «أنا نفسي لا أختلف عن زميلاتي الكاتبات، لدّي ثلاث روايات مفعمات بالألم، وفي كل مرة أتساءل: هل هي عادة وجرت على تدوين الألم، أم ماذا؟ هناك جانب السعادة في الحياة فلا نُهمشه». تدعو مريم جميع زميلات القلم لكتابة ما يُسعد القلوب لا إلى ما يُحزنها، لكنها تستبعد أن يستمتع القارئ بالحياة الوردية، تتابع مريم: «لذلك فإن الألم والحزن والسعادة في رواية تعطي طابعاً جميلاً وحياة لا تشبه الأخرى، فالتطور والاعتماد على التكنولوجيا الحديثة أبعدنا عن السرديات القديمة في الروايات، من دون التنصل منها تماماً».

تابعي المزيد: مركز أبوظبي للغة العربية يشارك في معرض مكتبة الإسكندرية الدولي للكتاب

 


عائشة عادل: أدبنا بديع يتناول كل ما تحتاج إليه المرأة بشكل أنيق جداً


رواياتنا كفسيفساء ذات نقش بديع


تجد الكاتبة عائشة عادل، من السعودية، أن الكتابة النسائية في البدايات كانت مجرد تجارب بوح، فكانت الكاتبة تستخدم الإبداع بوصفه وسيلة للمسكوت عنه، تتابع عائشة: «انتقلت هؤلاء الكاتبات من الذاتية إلى العلنية الجماعية في معالجة قضايا المرأة، ومراعاة الجوانب النفسية لديها، وكانت الرواية أكثر إغراءً للكاتبات؛ إذ إن الكثيرات وجدن أنّ القصة القصيرة تختزل قضايا المرأة ولا تظهرها بالشكل المطلوب».


المرأةُ مهيمنةٌ في نصوصها


أظهرت المساحة التي تعطيها الرواية للتعبير بحرية أكبر روايات كفسيفساء ذات نقش بديع، كل قطعة منها تناقش قضية من قضايا المرأة، واستمر الأدب على هذا المنوال لفترة من الوقت، تستدرك عائشة: «الآن خرج النص متمرداً، فأصبحت الكاتبات يمثلن الوعي عن طريق إظهار وجود المرأة ضمن سياق اجتماعي أو تاريخي ذي تأثيرٍ في المجتمع والوطن، كما باتت المرأة مهيمنةً في نصوصها الأدبية لتظهر بشكل قوي وجريء وواضح ورقيق، وتستخدم كل هذه الأمور من دون أن تتخلى عن المفاهيم الجمالية للأدب، فظهر أدبٌ بديعٌ يتناول كل ما تحتاج إليه المرأة بشكل أنيق جداً».

تابعي المزيد: الأديبة شيماء عيسى الوطني: المرأة في القصة البحرينية لها حضور مميز

 


د. زهور كرّام: الألم يشكل خلفية الحكاية نفسها

 

د. زهور كرام



لا تستقيمُ الكتابةُ من دون ألم مخاض


تحضر ثيمة الألم بوعي أو لا وعي في الأدب عامة، وعند النساء المبدعات، برأي د. زهور كرام، كاتبة وأستاذة جامعية من المغرب، تتابع قائلة: «لا تستقيم الكتابة من دون ألم مخاض، وإلا جاءت باردة ذابلة من دون ذاكرة».

الألم في الأعمال السردية النسائية تشخيص إما لصمت المرأة، أو لتاريخ الصمت، أو إعلان عن رغبة المواجهة، مواجهة الذات لتاريخ ألمها، كما ترى د. زهور، تستدرك قائلة: «ربما لهذا السبب، تبحث بعض الدراسات النقدية عن ألم الكاتبة في نصوصها، التي تحسن التوازن مع المجتمع والرجل والثقافة الذكورية، بمنطق الإبداع في تفجير الحالة وهي تشهد مخاضها». هناك ألمٌ ناتجٌ عن مخاض الحالة التي تُبدع الكتابة، وهناك ألمٌ يحضر في الحكاية، بل يشكل خلفية الحكاية نفسها. ثم هناك ألمٌ قد يمتد إلى صميم ذاكرة ألم القارئ برأي د. زهور، التي تعلّق «المرأة لا توثق الألم، إنما تكتبه من أجل التحرر منه حتى تعود متصالحة معه».

تابعي المزيد: الكاتبات السعوديات وتسلط الرجل في الأدب العربي

 


جيزيل قساطلي: عندما أصيب ولدي بمرض السرطان لم أشف سوى بالكتابة

 

جيزيل قساطلي



الكتابةُ مهمةٌ مهما كانت الثيمة!


يفجّرُ الألمُ المشاعرَ داخل كل إنسان، فكيف إذا كانت صاحبته سيدةً وكاتبةً في الوقت نفسه، بهذا الاستفسار بدأت جيزيل قساطلي، كاتبة لبنانية، كلامها، وتابعت: «طبيعة المرأة تختلف تماماً عن طبيعة الرجل، فهي إن كانت تكتب رواية حزينة أو سعيدة تجعلنا نعيش معها كل لحظة بلحظتها، ونرافقها في كافة التفاصيل الصغيرة قبل الكبيرة».

تعبّر المرأة عن الحزن في حال كان ابنها مريضاً، أو تركت حبيبها، أو توفي شريك حياتها... تعلّق جيزيل: «كل هذه الأمور المؤلمة تعبّر عنها السيدة من خلال عواطفها التي يفتقدها الرجل بطبيعة الحال».
لا شكّ أن المرأة عبر العصور كانت مضطهدة، ولا تزال حتى يومنا هذا، كما تجد جيزيل، التي تستدرك قائلة: «هذا الأمر نجده في رواياتها، وكتبها، وكلماتها المغلّفة بثيمة الحزن والألم. ما زلنا نعيش ضمن مجتمع ذكوري تعبّر عنه معظم الكاتبات العربيات، ويُوَلِّدُ لديهن نوعاً من الحزن يجسدنه من خلال الكتابة».


الحزنُ الكبير


تكشف جيزيل أنه عندما أصيب ولدها بمرض السرطان لم تشفَ نفسياً سوى من خلال الكتابة، التي صبت كل غضبها وألمها وحزنها فيها، إذ تقول: «لجأت إلى الأحرف والكلمات للتعبير عن هذا الوجع، واليوم فإن تطوّر العصر وانتشار مواقع التواصل الاجتماعي... كل هذا أثّر وساهم إيجابياً حتى تعبّر الكاتبة أكثر عن ألمها الذي باتت تشاركه مع الآخرين».

تابعي المزيد: طفلة سعودية تحصل على لقب أصغر كاتبة في العالم بعمر 13 عاما

 


مي عبد الهادي: نعم كتابات المرأة تعصف بهذا الفكر الجديد الذي يظلمها

 

مي عبد الهادي



اعترافاتٌ من ذهب


نحن بوصفنا مجتمعاتٍ شرقيةً نعاني من النظرة السلطوية على المرأة، كما ترى مي عبد الهادي، أديبة وقاصّة من مصر، تتابع قائلة: «كان النظر إلى جرعات الألم في كتاباتها كاعترافات تقدمها المرأة على صينية من ذهب، فكان الألم في الكتابات النسائية هو سيد الموقف لمخلوق ليس سوى تابع للرجل».


صاحبة المعادلة الصعبة


تحررت المجتمعات من أفكارٍ كثيرةٍ ظلمت المرأة، وأصبحنا نرى الألم بشكل مختلف، هنا تستدرك مي: «لن أبالغ إذا قلت إن المرأة الآن تكتب بقلم ينزف عن معاناة تحررها. نعم، كتابات المرأة تعصف بهذا الفكر الجديد الذي يظلمها أيضاً، ولكن بشكل مختلف.. فنرى كتاباتها بها جرعات ألم مكثف من وضعها، فهي تتحمل مسؤوليات فوق طاقتها، وتبقى صاحبة المعادلة الصعبة بين رقة القلب وقوة التحمل.. روحها تستنزف بشكل يومي من مسؤوليات وحياة قاسية لا تجيد معاملتها بوصفها أنثى ولن تدللها كما تحتاج.. هكذا خلقها الله باحتياج عاطفي تحوّل إلى ألم في معظم كتاباتها».

تابعي المزيد: الكاتبة بشائر محمد: الرواية فن اجتماعي بامتياز!