«القيصرية» سوق تاريخي مازال ينافس الأسواق الحديثة في محافظة الأحساء

سوق القيصرية موجود منذ حوالي ستة قرون مع تاريخ وجود الاستيطان حوله
"القيصرية" سوق تاريخي مازال ينافس الأسواق الحديثة في محافظة الأحساء
أمـانـة الأحسـاء قامت بإعـادة بـنـاء السـوق بعـد الحـريـق المـؤلـم
السوق يعد رافداً قوياً للاقتصاد في المحافظة
أصبح حالياً من المعالم السياحية في الأحساء
يعود تاريخ بنائه إلى القرن التاسع عشر
يشتـهـِر ببيـع وخيـاطـة البشـوت الملـكـيـة
كان موقع القيصرية الحالي عبارة عن طريق وسوق كبير
التجـوّل في السـوق بـحـد ذاتـه مـُتـعـة
هو أكبر سوق مغطى في السعودية والخليج
11 صور

يعد سوق القيصرية، الذي يقع في حي الكوت القديم في محافظة الأحساء شرق السعودية، من الأسواق الشعبية التاريخية المشهورة في المحافظة، فقد أصبح حالياً من المعالم السياحية في الأحساء، ويرجع بناؤه لعام 1334هـ، ويـحـتـوي السـوق علـى نـحـو 422 مـحـلاً على شكل صفوف تـقـع فـي مـمـرات مُـغـلـقـة ومـسـقـوفـة، ويُـشـبـِه بـنـاء السـوق الطـراز العـثـمـانـي، تـمـلـك بلدية الأحساء مـنـهـا 177 مـحـلاً يتـم تـأجـيـرهـا، كما يـمـتـلك الأهـالـي 251 مـحـلاً، ولعل ما يميز هذا السوق أن زواره من شتى الـدول الخـليـجـيـة كقـطـر والكـويـت وغيرهما، ويشتـهـِر ببيـع وخيـاطـة البشـوت الملـكـيـة، ومحـلات المـلابـس والأحـذيـة المصـنـوعـة يـدويـاً، وكـذلـك مـحـلات العـطـارة والأعشـاب، وبعـض الـمنـتـجـات الشعبيـة والتـراثيـة القـديـمـة.


تاريخ القيصرية
ويشير عدد من المؤرخين الأحسائيين إلى أن إنشاء سوق القيصرية في مدينة الهفوف تم في عهد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن «مؤسس الدولة السعودية الحديثة»، وأن إنشاء القيصرية تم بمساهمة من الدولة وآل القصيبي وآل العجاج، أما المهندس عبدالله بن عبدالمحسن الشايب «مدير فرع جمعية علوم العمران في الأحساء وأحد المهتمين بالتراث» فأشار في كتابه «سوق القيصرية» إلى أن سوق القيصرية موجود منذ حوالي ستة قرون مع تاريخ وجود الاستيطان حوله، ثم إنشاء مدينة الهفوف، إلا أن من المؤكد أن هذا السوق قائم في القرن التاسع عشر، وذلك لذكر الرحالة له في مذكراتهم، ولوجود وثائق تدل على ذلك، وبين أن مكان القيصرية في عهد العثمانيين وحتى العشرينات الهجرية كان عبارة عن دكاكين متفرقة، فيما كان موقع القيصرية الحالي عبارة عن طريق وسوق كبير.


السوق
أما عالم الآثار ومدير هيئة السياحة السابق علي الحاجي فقال: إن هيئة الدكاكين في القيصرية عبارة عن دكاكين وأبواب من ثلاث قطع تسمى «كبنك»، وهي تشتمل على قطعتين يجلس عليهما صاحب الدكاكين، قسم متدلٍ إلى الأسفل، والقسم الثالث يرفع إلى أعلى، توضع خشبة لها في الباب محل في الحائط، وتوضع فيها «القفة» المصنوعة من جريد النخل، ويوضع فيها الأرز، والقهوة، ويضيف: إلا أن هذا النوع من الأبواب كان يتميز به قيصرية الأحساء دون سواه من القيصريات المنتشرة في الخليج.


ويضيف الحاجي: تتنوع البضاعة المعروضة في السوق من حيث الصناعات التقليدية كالبشوت، والعباءات النسائية، والصناعات النحاسية، وصولاً إلى المنتجات الحديثة كالمواد الغذائية، وبيع الأحذية والعطور، وبيع الملابس، وبيع الأقمشة، وبيع الساعات، ومحلات للصرافة تحت سقف واحد.


أما البائع محمد الكليب فيقول: إن التجـوّل في السـوق بـحـد ذاتـه مـُتـعـة تشعـرك بالحنيـن إلى الماضـي والعـبـق التـاريـخـي لهـذا المـكـان، فهو نموذج فريد على مستوى الجزيرة العربية من حيث التصميم المعماري، ويرجع بناؤه إلى عدة قرون، مما يجعله من أقدم الأسواق المعمرة والعامرة.


ويضيف الكليب: إن السوق يعد رافداً قوياً للاقتصاد في المحافظة، فهو أكبر سوق مغطى في السعودية والخليج، مما جعله مركزاً حيوياً، ومازال أثره حتى وقتنا الحاضر، وقد ارتبط اسم سوق القيصرية في الأحساء باسم الواحة، التي لعبت على مدى تاريخها دوراً في دفع الحركة الاقتصادية والأثرية والتاريخية للسعودية.


يذكر أن أمـانـة الأحسـاء قامت بإعـادة بـنـاء السـوق بعـد الحـريـق المـؤلـم، الذي وقع فيه عام 1415هـ، حيث رصـدت الأمانة ميـزانيـة تـفـوق الـ15 مليـون ريـال؛ لإعـادة بنـاء الســوق على نـفـس طـرازه القـديـم.