احتفاء سعودي بأول صيدلية ذكية

محمد عمر، مدير الصيدلية الذكية في مستشفى الملك فهد التخصصي.JPG
الصيدلية الذكية
الصيدلية الذكية
محمد الشريف
مستشفى الملك فهد التخصصي
عبدالعزيز المشري
ترتيب الأدوية في الصيدلية الذكية
ندى الشهري
صورة للصيدلية التقليدية الموجودة أيضًا في مستشفى الملك فهد.JPG
10 صور

ضمن استراتيجية الرؤية السعودية للاستثمار في الذكاء الصناعي والروبوتات الرقمية، احتفل مستشفى الملك فهد التخصصي في مدينة تبوك، بتدشين أول صيدلية ذكية على مستوى السعودية، والتي تعد من أحدث التقنيات في المجال الطبي ومجال الصيدلة بشكل خاص، وتمتاز بتقديم الخدمات كافة بجودة عالية، وبأقل تكلفة ووقت؛ حيث يمكنها صرف ١٥٠٠ علبة دواء في الساعة، وتخزين ٢٠ ألف علبة دواء داخلها، وتحضير الدواء خلال ١٥ ثانية فقط.

لمزيد من المعلومات عن الصيدلية الذكية، وما توفره من خدمات، التقينا بعدد من المسئولين والعاملين بالصيدلية، وخرجنا بالآراء الآتية:

نرحب بأصدقائنا "الروبوتات"
كانت البداية مع محمد عمر الشريف، مدير الصيدلية الذكية في مستشفى الملك فهد التخصصي بتبوك، الذي تحدث عن عمل الصيدلية الذكية، وقال: نسعى في مستشفى الملك فهد إلى أن تكون خدماتنا وفق أعلى مستوى، بما يتماشى مع "الرؤية السعودية ٢٠٣٠"، ومن هذا المنطلق، وبعد حصولنا على موافقة وزارة الصحة على الطلب، الذي تقدم به الصيدلاني محمد التيماني، مدير الصيدلية السابق، بتوفير الصيدلية الذكية، جرى تخصيص روبوت صيدلي بسرعة كبيرة، والتي تهدف إلى توفير الوقت والجهد على الصيدلي ليتفرغ لدوره الرئيس، وهو التثقيف الدوائي، وإعطاء المعلومات والنصائح الطبية اللازمة للمريض، بالشكل المناسب وفي أسرع وقت ممكن؛ لكيلا يضطر إلى الانتظار طويلاً؛ فبمجرد إعطاء المريض رقم الملف إلى الصيدلاني، ستظهر لديه الوصفة المكتوبة من قِبل الطبيب، ويراجعها للتأكد من صحتها، وبضغطة زر واحدة، سيبدأ الروبوت في تجهيز الوصفة كاملة بثوانٍ معدودة، وللروبوت قدرة على صرف ١٥٠٠ علبة دواء في الساعة، ونسبة الخطأ في عمله صفر في المئة، كما أنه يخزِّن ٢٠ ألف علبة دواء داخله، وقد لاحظ جميع المرضى فرقًا كبيرًا بعد اعتماده؛ حيث إنهم كانوا في السابق ينتظرون من ١٥ إلى ٣٠ دقيقة للحصول على وصفتهم، أما الآن؛ فإن الدواء يحضَّر في ١٥ ثانية فقط، ويبقى أن يشرحه الصيدلي للمريض بمعدل دقيقتين تقريبًا ودون أي خطأ طبي، كما أن ترتيب الأدوية في الصيدلية، ومراجعة تواريخ انتهائها، أصبح يتم دون أي تدخل بشري.
وفي سؤال عن إمكانية الاستغناء عن كادر الصيادلة، أجاب الشريف: بالتأكيد لن يتم الاستغناء عن الصيادلة؛ لأن دورهم كبير؛ فالآلة مهمتها توفير الدواء فقط، وتخفيف العبء على الصيدلي في ذلك، وأرى أن الروبوتات ستستخدم في جميع المجالات؛ خاصة في مدينة تبوك القريبة من مشروع المستقبل نيوم، عاصمة الروبوتات؛ لذا يجب أن نجهز أنفسنا للترحيب بزملائنا الروبوتات.

الروبوت مسلم
وعن ردة فعل المرضى بالخدمات المقدمة من الصيدلية الذكية، قال الشريف:
كانت مذهلة، وكثيرٌ منهم يسألنا على الدوام عن طبيعة عمل الآلة، ومن المواقف التي أذكرها قبل إطلاق الصيدلية الذكية، وهو أن علاقة قوية تولَّدت بيننا في الصيدلية والروبوت بسبب قضائي وزملائي وقتًا طويلاً جدًا في ترتيب الأدوية داخله، حتى أننا كنا نقضي ساعات بعد انتهاء دوامنا في فعل ذلك؛ لذا قررنا أن نطلق على صديقنا الجديد اسم "مسلم".

الصيدلية الذكية مضادة للملل
ورأى سليمان العطوي، ‏رئيس تمريض وحدة الأورام في مستشفى الملك فهد، أن الصيدلية الذكية فكرةٌ رائعةٌ، وأعجبته كثيرًا طريقة عملها، وسرعتها في صرف الأدوية، وتوفيرها الجهد والوقت على المرضى، وعلى الصيادلة للرد على استفسارات المرضى، وشرح كيفية استخدام الأدوية لهم من دون كلل أو ملل، وقال: تعمل الصيدلية الذكية؛ إضافة إلى ما تقدَّم، على تقليل الأخطاء، ورفض الأدوية منتهية الصلاحية، أو التي ستنتهي قريبًا، كما ترتِّب الأدوية بنفسها، وتتأكد من توافرها جميعًا، وفي إمكانها أن تصرف ١٥٠٠ عبوة في الساعة، بمعدل ٢٤٠ وصفة طبية، ويتم تخزين ٢٠ ألف عبوة دواء داخلها من مختلف الأحجام.

لا تنهي دور الصيدلي
فيما أوضحت تركية العنزي، صيدلي أول ومشرفة على مركز معلومات الأدوية في مستشفى الملك فهد التخصصي، أن الصيدلية الذكية عبارةٌ عن جهاز ذكي "روبوت"، يُستخدم في صرف الأدوية، وتجهيزها بمجرد إدخال رقم ملف المريض؛ حيث يقوم الجهاز بتحضير الأدوية في عشر ثوانٍ فقط، بالتالي تقليل العبء على الصيادلة، وإنهاء الأخطاء الدوائية التي يمكن أن تحدث، وتعد هذه الصيدلية الأولى من نوعها في مستشفيات وزارة الصحة السعودية، وقالت: الصيدلية الذكية، أحدثت نقلة نوعية في الرعاية الصيدلانية المقدَّمة، وقد تم تدريبنا على كيفية استخدام الجهاز، ووجدنا أن الطريقة سهلة جدًا، وحقيقةً خفَّف علينا كثيرًا من الجهد، وأسهم في تقليل الازدحام؛ ففي السابق كان المريض ينتظر فترة طويلة حتى يتم تجهيز وصفته، والتأكد من صحة الأدوية، وملاءمتها له؛ مما يسبِّب ازدحامًا كبيرًا أمام "شباك الصرف"، مع تذمر كثيرين عندما يطلب منهم الصيدلي قليلاً من الوقت لإنهاء الوصفة.
وأضافت العنزي "بالنسبة إلى ما يشاع حول تقليل الصيدلية الذكية فرص الصيادلة في إيجاد عملٍ؛ فهذا الأمر غير صحيح أبدًا؛ فدور الصيدلاني أكبر بكثير من مجرد توفير الدواء، كما يفعل الروبوت، الذي يقتصر دوره على تقليل الجهد المبذول من قِبل الصيدلاني لتحضير الدواء، ومساعدته في التركيز على خدمته المرضى بشكل أفضل.

اختراع مهم
أما عبدالعزيز المشري، موظف في القطاع الخاص؛ فروى لنا أنه كان يتابع بشغف كبير كل ما يُنشر من معلومات حول الصيدلية الذكية في منصات التواصل الاجتماعي التابعة لوزارة الصحة، وقال: أرى أن الصيدلية الذكية من الاختراعات المهمة وذات الفائدة الكبيرة للبشرية؛ فهي تقلِّل كثيرًا من وقت الانتظار، الذي يتجاوز في بعض المستشفيات ساعةً كاملة، وهذا ما يعجبني بها.
وأضاف: "في فترة سابقة، عانيت من صرف دواء خاطئ لي، ولم يتنبَّه الصيدلاني إلى الأمر إلا قبل خروجي بلحظة؛ مما ولَّد في داخلي وسواس التحقُّق من الأدوية التي يصرفها الصيادلة، والحمد لله، أنهت هذه الآلة معاناتي، وأتمنى أن يتم توفير الصيدلية الذكية في جميع المستشفيات في أقرب وقت ممكن، وأعتقد أنها البداية لتطور كبير، بالتوجه إلى دعم عمل الروبوت في مختلف المجالات".

لا أفضِّل استخدام هذه الصيدلية
ودفع الفضول وحب المعرفة دير البلوي، طالبة صيدلة، للتعرُّف على طريقة عمل الصيدلية الذكية، ووجدتها مبهرة؛ كونها ومن وجهة نظرها: تسهِّل كثيرًا من عملية صرف الأدوية، كما أن فيها قسمًا خاصًا بالأدوية التي تصرف كثيرًا، كما أن تغيير أي دواء داخلها بمعدل إنش واحد، يتسبَّب في عدم استجابة الآلة إلى الأوامر؛ لذا يجب على الصيادلة الانتباه جيدًا إلى هذا الأمر، كما يقع على عاتق الصيدلي لصق الباركود على الدواء لكي تتعرَّف عليه الآلة عند صرفه، وهو ما يثبت أنها لا تُغني عن الصيدلاني أبدًا؛ فهي آلة لجلب الدواء لا أكثر؛ لذا لا داعي للقلق على مستقبل الصيادلة.

فوبيا الآلة
وفي رأي مخالف، يرى فهد بن محمد، مستشار قانوني في مكتب للمحاماة والاستشارات القانونية، أن الآلة مهما كانت ذات جودة وقوة، ستتعرض حتمًا إلى عطل مفاجئ؛ مما يتطلَّب وقتًا طويلاً لصيانتها، وخسارة كثير من المال عليها، كما أنها تحتاج إلى مولد كهربائي خاص؛ كونها ترتبط بمصدر للطاقة للعمل، ولأنها لا تستطيع توفير ميزة شرح الدواء؛ لذا يعد حضور الصيدلاني مهمًا للغاية، وقال: "في السابق، كنت أعتقد أن الوصفة قد تُحضَّر دون التنبُّه إلى ملاءمتها المريض، ولأن الطبيب والصيدلاني يكملان بعضهما بعضًا، اكتشفت أنه إذا أخطأ الطبيب في كتابة الوصفة الصحيحة؛ فإن الصيدلاني سيتدارك الأمر حتمًا؛ لذا أشعر بالاطمئنان عند التعامل مع العنصر البشري، وفيما يخص التقنية الجديدة، أشعر ببعض الخوف تجاهها؛ كونها ترتبط بالتكنولوجيا، وأتمنى ألَّا تؤثر الروبوتات على عمل البشر".

لها من اسمها نصيب
من جهتها، أوضحت ندى الشهري، ممثلة، أن الصيدلية الذكية لها من اسمها نصيب؛ فهي فعلاً اختراع ذكي، ويخدم جميع الناس، وقالت: سابقًا كنا نعاني من طول الانتظار لصرف الأدوية، وبوجود هذه الآلة، أعتقد أن هذه المعاناة ستنتهي إلى الأبد، كما أنها توفر كثيرًا من العناء على الصيادلة، وتسمح لهم بالتفرغ لشرح الدواء للمرضى، وأظن أنها ستتطور أكثر مستقبلاً؛ خاصة أن الروبوتات بدأت تفرض نفسها في مجالات مختلفة، لكن على الرغم من فاعليتها، إلا أنني أتمنى ألا تؤثر على عمل العنصر البشري.