قصة بطولية لا تُنسى.. مغربيات أطفأن حريقًا ضخمًا في 9 ساعات

مغربيات أطفأن الحريق بتسع ساعات
تعبيرية
أخمدن الحريق دون أي مساعدة من أحد
إقليم تاونات شمال المغرب
5 صور

في كل يوم يمرّ، تُثبت النساء في كل مكان، بأنهن نصف العالم، وربما يَكنّ أكثر من ذلك أيضًا، فالمرأة التي خلق الله أول الحياة في رحمها، ستظل أمينة عليها بكل تفاصيلها بعد أن تخرج الحياة من بيتها الأول/ الرحم، ومخطئ من يظن أنهن قد خُلقن حتى يُكمّلن حياة الرجل فقط، فهنّ صنوّ الرجال، وشركاؤهم في كل شيء، ولطالما عشن أدوار البطولة، في اللحظات التي غاب فيها الرجال عن المشهد.

قبل عام وأيام قليلة فقط، أخذت عدد من النساء المغربيات، زمام المبادرة، شمّرن عن سواعدهن ولبسن رداء البطولة، وأنقذن قريتهن ومنازلهن من حريق هائل ضخم، كاد أن يلتهم كل شيء، ويُمحي وجود البشر والشجر والحجر، واجهن ألسنة النيران العملاقة وانتصرن عليها في ساعات قليلة فقط، وها هن في هذه الأيام يحتفلن بمرور عام كامل على شجاعتهن، وإنقاذهن حياة الجميع في قريتهن الصغيرة.

عام على بطولة نساء قرية «الحدادوة»..
حدثت هذه الحكاية في أواخر شهر آب/ أغسطس من العام الماضي 2017، ومكانها قرية صغيرة تقع في إقليم «تاونات» شمالي المغرب، وتدعى قرية «الحدادوة»، حينها بدأ اليوم هادئًا، وكان صباحًا صافيًا، توجه الرجال إلى أعمالهم بعيدًا عن منازلهم، وهو موقنون أنهم تركوا «بطلات» وراءهم، وفي غفلة من أهالي القرية الذين كانوا ناعمين ببعض الهدوء، حدث ما لم يكن في الحسبان.

حينها، اندلعت نارٌ هائلة في أحد الحقول المجاورة للقرية، بدأ الحريق صغيرًا، إلا أن ظروف الطقس، والرياح العاتية التي هبت لحظتها على القرية، جعلت من هذا الحريق الصغير شيطانًا هائلاً يأكل الأخضر واليابس، وظلّ يسير بالخراب من حقل قصب إلى حقل زيتون، حتى صادف أكوامًا كبيرة من التبن والقشّ، جعلته يستعر أكثر، حتى وصل إلى قرية «الحدادوة» في نهاية المطاف.

20 امرأة في عين النار..
عند وصول الحريق الهائل إلى القرية المغربية الهادئة، دبّت الفوضى في جميع أرجائها، ووجد النسوة أنفسهن في مواجهة مع عين النار الحارقة، كان الرجال في أشغالهم، ولا أمل في وصول أي مساعدة من السلطات في الوقت المطلوب، فهنّ الآن تحت الأمر الواقع، وليس أمامهن إلا أن يدخلن المعركة غير المتكافئة على الإطلاق، إلا أن نساء القرية التي كان عددهن عشرون امرأة فقط، رفضن أن تسرق النار حياتهن وأحبابهن.

شمّر نساء القرية عن سواعدهن، واستعن بكل شيء وجدنه أمامهن حتى يتمكنّ من الانتصار في هذه المعركة، قدمت لهن الأرض ترابها، فأخذنه وبدأن بإخماد هذا الحريق الهائل عبره، واستعن بأي مصدر للماء وجدنه أمامهن، وحولوه إلى سلاح في هذه المعركة المصيرية، واستمر الأمر مع النسوة العشرين ما يقارب التسع ساعات كاملة، لم يهدأن خلالها ولم يأخذن حتى استراحة مقاتل، وفعلاً، مع حلول منتصف الليل، استطعن حينها الانتصار على هذه الكارثة، وحماية بيوتهن وأبنائهن ورجالهن، وعلى الرغم أن الأرواح نجت جميعها مما حدث، إلا أن الحريق تسبب في خسائر مادية كبيرة، ولكن لم يكن هذا مهمًا لحظتها، فالسواعد جاهزة لتعمير القرية من جديد وإعادة خيراتها.

حكايات للذاكرة استمع لها رجال القرية..
انتهت هذه المعركة، وعاد الرجال المُنهكين من أشغالهم إلى منازلهم، ليجدوا حال القرية قد قُلب رأسًا على عقب، ووجدوا أمهاتهم وزوجاتهم وأخواتهم وبناتهم في انتظارهم حينها، وفي جعبتهن الكثير من الحكايات والقصص، وما أن اطمأن الرجال على سلامة نسائهم، حتى شرع نساء القرية بسرد قصص البطولة التي أقدموا عليها، وكيف أنقذن القرية وأطفأن النيران.

بعد عام من الانتصار..
بعد مرور ما يزيد عن العام على هذه الحادثة، توجهت العديد من وسائل الإعلام المغربية إلى قرية «الحدادوة»، واحتفلن مع نسائها البطلات اللواتي هزمن النيران بهذا النصر، وحينها بدأت نساء القرية بالحديث عن ذكرياتهن مع الحادثة، وأخبرن الصحفيين كيف أنهن وفي غياب جميع أشكال ووسائل المساعدة، أنقذن كل هذه الأرواح بأنفسهن، وأسهبن في حديثهن قائلات: «توجّهنا يومها إلى المياه، واستخدمنا البراميل، وكذلك التراب الذي كان بجوار الحقول، وقمنا بإطفاء الحريق الذي كان يستعر أكثر بسبب الرياح»، وتابع النسوة في حديثهن كيف أنهن كن في سباق خطير مع الوقت في تلك الأثناء.