كيف تستثمري العشر الأواخر من رمضان

ما أن تبدأ اللحظات الأولى من أولى ليالي العشر الأواخر من هذا الشَّهر الفضيل، إلا ونشعر بأنَّ ناقوس «حالات الطَّوارئ» قد بدأ يدق، فبداية العشر الأواخر هي إيذان باقتراب رحيل هذا الموسم الإيمانيّ العظيم من ناحية، ومن ناحية أخرى هي ناقوس منبِّه لأهميَّة تدارك كل مافات من تقصير؛ حتى تتحقق الأهداف المنشودة من هذا الشَّهر في المغفرة والعتق من النيران، وشحذ إيماننا، وتحقيق التقوى في القلوب، والتي تظهر في تصرُّفات الفرد بعد انقضاء الشَّهر الكريم.

«سيِّدتي نت» تقدِّم لكِ إرشادات يمكنكِ من خلالها استثمار كل لحظة من هذه الأيام؛ لتنهلي من خيرها وعظيم أجرها وثوابها وطيب نفحاتها الروحانيَّة، لاسيَّما في ليلة القدر التي هي خيرٌ من ألف شهر...


نصائح لاستثمار ليلة القدر
1- النيَّة: أن تنوي أنَّ ما ستقومين به من أفعال وعبادات كلّها خالصة لوجه الله؛ حتى تثابي على جميع أفعالك بما فيها النَّوم، وعملك، ودراستك، والعناية بأطفالك أو أفراد أسرتك.

2- الأذكار: احرصي على ترديد جميع الأذكار؛ لما لها من فضل عظيم، وأذكار اليوم متنوِّعة منها: أذكار الصباح والمساء، وأذكار الوضوء، وما بعد الصلاة، وأذكار تناول الطَّعام، وأذكار الذَّهاب إلى المسجد، ولا تنسي الذِّكر الخاص بهذه الليلة، والذي أوصى به الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم- وهو «اللهم إنَّك عفوٌّ كريم تحب العفو فاعفُ عنَّا»، إضافةً إلى الإكثار من سيد الاستغفار «اللهم أنت ربي، لا إله إلا أنت، خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك عليّ، وأبوء بذنبي؛ فاغفر لي؛ إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت».

3- تقديم إفطار لصائم: احرصي على أن تقومي بإفطار مسلم أو أكثر، إمَّا بدعوته، أو بإرسال إفطاره، أو بدفع مال لإفطاره؛ لتحصلي على أجر صيامه مضاعفاً بإذن الله.

4- الإنفاق والصَّدقة: جهِّزي صدقتك لهذه الليلة من ليالي العشر، وليكن لك ادخار طوال السنة لتخرجيه في هذه الليالي الفاضلة، فلا تفُتك ليلة من ليالي الوتر، إلا ولها صدقتها، فالريال إذا تقبَّله الله في ليلة القدر، قد يساوي أكثر من ثلاثين ألف ريال.

5- صلاة السنن: حريٌّ بك ألا تفوِّتي صلاة السنن الرَّواتب، وعددها 12 ركعة، إضافةً لصلاة التَّراويح والتهجُّد والشَّفع والوتر، وحبذا التنويع بين الصَّلاة في المسجد؛ لتحظي بثواب الجماعة وروحانيَّات المساجد، وأخرى تكونين منفردة بها لتدعي بما شئت.

6- الدُّعاء: ذكر الرسول الكريم، صلوات الله وسلامه عليه، أنَّ الدُّعاء هو العبادة؛ لما يتحقق فيه من ذلٍّ وخضوع لله تعالى، واعتراف بأنَّه هو القادر وبيده مقاليد السَّماوات والأرض، فاسألى الله ما شئت في هذه الليالي المباركة، وتحري أوقات الإجابة عند الفطر، وفي الثلث الأخير من الليل، وبين الأذان والإقامة، ولا تجعلي لسانك يفتُر عن قول «اللهم إنَّك عفوٌّ تحبُّ العفو فاعف عنا».

7- صلة الرَّحم: احرصي على القيام بصلة الأرحام؛ خاصَّة المتقطّعة منها، وودِّي من استطعتِ من الأقرباء، وحاولي إدخال السُّرور عليهم، ولو بكلمة طيبة، أو مكالمة هاتف.

8- الدَّعوة إلى الله: للدَّعوة إلى الله ثواب عظيم وطرق متعددة يسيرة، كأن تنصحي صديقتك أو قريبتك بالذَّهاب إلى المسجد، أو حضور درس علم، أو أن تقومي بتوزيع بعض الأدعية والأذكار المأثورة عن فضل هذه الليالي والأعمال المستحبَّة فيها، أو أن تكتبي دعاءً أو حديثًا أو آيةً قرانيةً على موقع التَّواصل الاجتماعيّ، وتقومي بدعوة أصدقائك للتفكُّر بها.

9- إتقان العمل: الإحسان من خير الأمور التي يُجازي الله عنها خيراً، والله يحبُّ إذا عمل أحدنا عملاً أن يتقنه، فأدِّي واجباتك وأعمالك على أكمل وجه، ولا تدعي العبادة تجعلك تقصِّرين في التزاماتك اليوميَّة، فالله يجازي الإحسان إحساناً.

10- طلب العلم: إنَّ طلب العلم فريضة، حيث قال -صلى الله عليه وسلم-: «من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً، سهل الله له به طريقاً إلى الجنة»، لذا خصصي بضع دقائق من يومك لتعلُّم شيء جديد بنيَّة التعلُّم، والاستفادة وإفادة غيرك بعلمك.

11- الامتناع التَّام: يجدر الامتناع التَّام عن جميع المعاصي والذُّنوب والملهيات التي قد تُفسد هذه الأجواء الروحانيَّة، كمشاهدة المسلسلات وغيرها من الأمور التي قد تأخذ من وقتك الثَّمين في هذه الليالي المعدودة، وتلهي قلبك عن أهميَّة اغتنام الفرصة والاستزادة منها.

12- تجديد التَّوبة: يستحبّ في هذه الليالي التَّوبة النَّصوح من المعاصي والذُّنوب، وتجديد التَّوبة في ليالي العفو هذه، والتَّوبة النَّصوح بمعنى أنَّها توبة شاملة، كذلك تعني أنَّها توبة رادعة ناصحة لصاحبها على عدم العودة للذُّنوب والآثام وعدم اتباع خطوات الشيطان.

13- العفو ومسامحة الخلق: فالله تعالى يغفر لعبيده إلا المتخاصمين، ومن باب أولى ما دمنا نسأل الله العفو عن أخطائنا؛ أن نسامح ونعفو عمن أساء إلينا وظلمنا.

14- بر الوالدين: أوصى الله تعالى ببر الوالدين في قوله عز وجل: «وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً (23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً»، لذا قومي ببرهما؛ لكي تحصلي على الأجر المنشود بإذن الله.

- إدراك فضل وأهميَّة هذه الليالي
تُعتبر ليالي العشر الأواخر من رمضان من الليالي التي فضَّلها الله على سائر الليالي، حيث اختصها بهدية لسائر المسلمين، وهي ليلة القدر التي جعلها لمزيد فضلها عنده وعظيم مكانتها لديه خيراً من ألف شهر، وفخَّم أمرها وأعلى شأنها، ورفع مكانتها عندما أنزل فيها وحيه المبين وكلامه الكريم، وتنزيله الحكيم هدى للمتقين، وفُرقاناً للمؤمنين، وضياءً ونوراً ورحمة، وهي ليلة مباركة في ثواب عبادتها، فهي خير من ألف شهر، أي ما يزيد على ثلاثة وثمانين عاماً، وهي عمر طويل لو قضاه المسلم كلّه في طاعة الله -عزّ وجل- وليلة القدر هي ليلة واحدة خير منه، وهذا فضل عظيم يجب علينا أن نظهر امتناناً لله العليّ الكريم بحسن التعبُّد والتضرع، وعمل الخير في هذه الليلة التي تشهدها الملائكة، وتتنزل فيها لتحف المسلمين العابدين السَّاهرين؛ من أجل الذّكر والشّكر والعبادة لله.

- موعد ليلة القدر
ليلة القدر لم يتم تحديدها يقيناً، وعلى الرُّغم من بعض الأقاويل التي ترجِّح أنَّها ليلة السَّابع والعشرين، إلا أنَّ الرأي الأقوى أنَّها غير معلومة، والحكمة من إخفائها وعدم تعيينها في النُّصوص؛ أن يجتهد المسلمون في جميع العشر الأواخر بالتهجُّد وقراءة القرآن والإحسان، وليتبيَّن بذلك النَّشيط والمجدّ في طلب الخيرات من الخامل الكسلان، لذلك فالأولى بنا تحرِّيها في الليالي الوتريَّة، والعمل باجتهاد في جميع هذه الليالي؛ حتى نحظى بفضلها العظيم.
فعن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- أنَّ الرسول- صلى الله عليه وسلم- قال: «من صام رمضان إيماناً واحتساباً؛ غُفر له ما تقدَّم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً؛ غُفر له ما تقدَّم من ذنبه».