قرية روسية مدفونة بأكملها تحت الرمال وسكانها يدخلون منازلهم من الأسطح

أحد منازل القرية
القرية كانت مكاناً مزدهراً
الرمال في كل مكان من القرية
سكانها يعملون بحصاد التوت البري
البرية هي مصدر عيشهم الوحيد
القرية مدفونة بالرمال بأكملها
السكان يدخلون بيوتهم من الأسطح
دفنتها الرمال
فشل السكان في إيقاف الرمال
الأطفال يعتبرونها مكاناً مناسباً للعب
الرمال تغطي كل شيء
إحدى السيدات من سكان القرية
13 صور

ربما تكون هذه القرية الروسية التي يطلق عليه اسم «شوينا»، واحدة من أغرب المناطق المأهولة على سطح كوكب الأرض، والتي يتعجب الكثيرون كيف لسكانها أن يظلوا متمسكين بالحياة فيها، وذلك كونها بمجملها «قرية غارقة بالرمال»، وهذا ليس عنواناً مبالغاً فيه لأحد الأفلام السينمائية أو الروايات الأدبية، بل هو الوصف الحقيقي الدقيق لهذه القرية الروسية، التي كانت في يوم من الأيام، مكاناً تجارياً مزدهراً بسفن الصيد والمراعي والغابات في السنوات التي تلت الحرب العالمية الثانية، قبل أن تحدث الكارثة وتدفنها تحت رمال البحر.
شيئاً فشيئاً، تختفي قرية «شوينا» تحت رمال أحد السواحل «البحر الأبيض»، وهو بحر داخلي في شمال الجزء الأوروبي من روسيا، تختفي إلى الدرجة التي تجبر سكانها للدخول إلى بيوتهم عبر الغرف التي تقع على أسطح هذه المنازل، التي لا يظهر منها للعيان سوى هذه الأسطح، أو أجزاء منها فقط، جراء ظاهرة موجات الرمال العجيبة التي تضربها بشكل مستمر، والتي يعتقد أنها من صنع البشر، ما يجعل مشقات ومتاعب الحياة مضاعفة لسكان هذه القرية.
بطولات الصيادين التي تحولت إلى كارثة حقيقية..
بعد الحرب العالمية الثانية، ولعدة سنوات ظلت هذه القرية تعتبر واحدة من أبرز وأهم مناطق الثروة السمكية في روسيا «الإتحاد السوفيتي السابق»، وكانت الصُحف السوفيتية لا تنفك تشيد بالإنتاج الهائل الذي يقدمه صيادو هذه القرية للبلاد، حتى وصل الأمر بأن يعتبروا ما يحدث هناك بأنه «بطولات»، وكانت الصحف تصفه بـ«بطولات الصيادين»، وذلك كونهم كانوا يقدمون ما يتجاوز أهداف الإنتاج التي وضعوها هم بأنفسهم، وكانت هنالك مبالغات كبيرة في صيد الأسماك حينها.
كان رصيف قرية «شوينا»، يتسع لقرابة الـ 70 سفينة صيد، أو أكثر بقليل، وحينها كان عدد سكان القرية لا يتجاوز الـ 800 شخص، إلا أن الصيد الجائر والمبالغات التي كان يقدم عليها الصيادون من سكان القرية، جلبت لهم الكارثة شيئاً فشيئاً، فالأمر لم يتوقف فقط عند استنزاف مخزون الأسماك في البحر الأبيض، وبدأ يتعدى ذلك إلى إفساد النظام البيئي بأكمله، حتى وصل الأمر إلى إغلاق مصنع تجهيز الأسماك، ثم مصنع الطوب، وبعد مدة قصيرة، بدأت المزارع تتلاشى شيئاً فشيئاً، حتى اختفت سفن الصيد تماماً من موانئها، وأصبح عدد سكانها في الوقت الحاضر لا يتجاوز الـ 250 شخصاً فقط.
هكذا حدثت الكارثة..
يرجح الكثير من الخبراء بأن «بطولات الصيادين»، كانت هي السبب الرئيسي والأهم وراء دفن القرية كاملة في الرمال، وذلك لأن سفن الصيد كانت تكشط قاع البحر من الطميّ والأعشاب البحرية، ولم يعد هناك أي شيء من الممكن له أن يثبت الرمال في مكانها، وهنا بدأت الأمواج تجرف الرمال نحو الشاطئ، الذي كان يقيم عليه السكان، وكل موجة من موجات البحر، كانت تجرف معها كميات هائلة للغاية من الرمال إلى الشاطئ، حتى غرقت منازل البشر ولم يظهر منها الآن سوى أسطحها.
هكذا يعيش سكان قرية «شوينا»..
بعد أن دفنت الرمال أكثر من 20 منزلاً بأكملها، واختفت شوارع القرية بأكملها وتحولت إلى رمال يصعب المشي عليها، أصبح الحصول على الغذاء أمراً صعباً، حيث تكلف المؤن الغذائية في المتجر الوحيد في القرية، ضعف ما تكلفه في أقرب بلدة أخرى، وهو الأمر الذي أجبر السكان على تأمين غذائهم من المناطق الطبيعية التي لم تصل إليها الرمال خارج قريتهم، والتي منها حصاد «التوت البري القطبي»، من السهول المجاورة، والذي يعتبر أمراً شاقاً للغاية لكنه مربح لهم، حيث يبيعونه بأرباح تقارب أرباح بيع الـ«كافيار الأحمر» في متاجر المدينة، أما في فصل الخريف، فيبدأ اصطياد الإوز البري، ويخزن لحمه بشكل يكفي حتى نهاية الشتاء، وأحياناً يمر رعاة الأيائل الرحّل بالقرية، ويقايضون هذا اللحم بسلع أخرى.
وعلى الرغم من صعوبة - وربما استحالة العيش في هذه القرية الروسية - إلا أنها قد تعتبر واحدة من أبرز دروس الطبيعة لنا نحن، بني البشر، بأن علينا أن نحترمها ونحترم كرمها الكبير علينا، وإلا فنحن موعودون بالكارثة التي سنصنعها بأنفسنا، وبالوقت نفسه، تعتبر هذه القرية مثالاً مدهشاً لقدرة الإنسان على التأقلم مع الظروف الجديدة على اختلافها وصعوبتها.