العثور على «دليل أثري» ذكره مؤرخ يوناني قبل 25 قرنًا عن مصر القديمة

تعبيرية
المؤرخ اليوناني هيرودوت
حطام السفينة كان محفوظاً جيداً
محاولة لتخيل شكل السفينة عبر التقنيات الحديثة
حطام السفينة الذي عثر عليه
5 صور

23 سطرًا فقط، كتبها المؤرخ اليوناني الشهير «هيرودوت» في القرن الخامس الميلادية، ظلت تعتبر لغزًا للعلماء والباحثين طوال ما يقارب الـ25 قرنًا كاملة، وذلك عندما كتب واصفًا قوارب نهرية «غير عادية أو مألوفة» كانت تسير في نهر النيل في مصر، حيث أشار «هيرودوت» حينها إلى طريقة بنائها المعقدة، التي كان يستخدمها المصريون القدماء آنذاك، واليوم ونحن في العام 2019 من الألفية الثالثة، يتم إثبات ما قاله المؤرخ اليوناني والذي حيّر العديد من المؤرخين.


وبحسب ما نشره موقع «سكاي نيوز»، نقلاً عن صحيفة «ذي غارديان» البريطانية، أنه وطوال 25 قرنًا من الزمان، دخل العلماء في جدالات ونقاشات طويلة حول هذه القوارب المصرية القديمة، والتي كان يطلق عليها اسم «باريس»، والتي كانت تستخدم لشحن البضائع عبر نهر النيل. إذ إنه وعلى مدى كل هذه القرون الطويلة، لم يكن هناك أي إثبات أثري مادي ملوس لما ذكره «هيرودوت» في كتابه التاريخي.


ولكن الأمر اختلف الآن تمامًا، حيث إن عددًا من علماء الآثار والباحثين من جامعة «أكسفورد» البريطانية العريقة، تمكنوا من العثور على الدليل الأثري والمادي على السفينة «باريس»، وذلك عندما عثروا على حطام إحدى هذه السفن كان محفوظًا بشكل جيد للغاية وبعناية فائقة في المياه المحيطة بمدينة «هرقليون» المصرية الغارقة، والتي بسبب حالتها الجيدة كانت دليلاً عن مدى دقة وصف المؤرخ اليوناني الذي ذكره في القرن الخامس الميلادي.


ونقلت الصحيفة البريطانية، تصريحات الدكتور «داميان روبنسون»، مدير مركز الآثار البحرية بجامعة أكسفورد، والذي علق على هذا الكشف الأثري المهم قائلاً: «باكتشاف هذه الحطام، أدركنا أن هيرودوت كان على صواب، وأن ما وصفه المؤرخ اليوناني هو ما كنّا ننظر إليه عند اكتشافنا لحطام السفينة». ويُشار إلى أنه في العام 450 قبل الميلاد، كان «هيرودوت» قد شهد بناء القارب المصري القديم «باريس»، ولاحظ كيف أن عمال البناء كانوا يقطعون الألواح الخشبية بطول 100 سنتيمتر، ثم يضعونها فوق بعضها كالطوب.


وتابع الدكتور روبنسون في تعليقه: «المصريون القدماء، أضافوا على قطع الخشب القوية والطويلة، ألواحًا بنفس الطول، ثم مدّوا جزعًا فوق هذه القطع والألواح، قبل أن يقوموا بحشر التشققات من الداخل ببرديات». وأضاف «روبنسون» بأن العلماء السابقين «ارتكبوا بعض الأخطاء» وهم يحاولون تفسير نص هيرودوت الذي خلا من أي أدلة أثرية حتى هذا الوقت. وأشار مدير مركز الآثار البحرية بجامعة أكسفورد، إلى أن عدم تصديق العلماء لرواية هيرودوت لكل هذا الوقت، كان راجعًا إلى أن السفينة «باريس» كانت بمثابة قطعة غامضة بالنسبة لهم. وأردف: «لقد ناقش العلماء بالضبط ما يعنيه ذلك طالما كنا نفكر في القوارب بهذه الطريقة العلمية».


ومن الجدير بالذكر، أن مدينة «هرقليون» باللغة اليونانية، أو «ثونيس» بالمصرية القديمة، والتي عثر فيها على حطام السفينة «باريس»، تقع على عمق يقارب الـ10 أمتار تحت سطح الماء بالقرب من شاطئ «أبو قير» في محافظة الإسكندرية. وبحسب روايات المؤرخين، فقد كان «الإسكندر المقدوني»، هو السبب في إغراق هذه المدينة المصرية القديمة، بعد قيامه بتأسيس مدينة الإسكندرية الجديدة لتكون الميناء الرئيسي الموصل إلى اليونان.