عرض الفيلم الفرنسي "وقت اللعب" في "شومان" بعمّان

مشهد آخر من الفيلم الفرنسي
الفيلم الفرنسي وقت اللعب
مشهد من الفيلم
3 صور

تقدم لجنة السينما في مؤسسة عبد الحميد شومان، في السادسة والنصف من مساء الثلاثاء القادم، الفيلم الفرنسي "وقت اللعب" للمخرج جاك تاتي.


ويعتبر فيلم "وقت اللعب" للمخرج "تاتي" الأكثر جرأة في مسيرة هذا المبدع السينمائي الفرنسي الذي كان يمارس التمثيل إلى جوار الإخراج.


بدأ تصوير الفيلم العام 1964 وعرض بعد ثلاث سنوات، وفيه يؤدي المخرج "تاتي" شخصية (مسيو هولو)، التي سبق له وأن قدمها في سائر أفلامه، وفيها يظهر بشكل ثانوي بموازاة باقي أدوار الفيلم الرئيسة.


وعلى غرار أفلامه المعهودة يعمل تاتي على توظيف جماليات التصاميم الهندسية الحديثة المبتكرة من مكونات المواد المعمارية والاختراعات الحديثة ذات العلامات التجارية، بألوان من كوميديا المواقف الآتية من عدسة كاميرا خفية مدعمة بالمؤثرات الصوتية الإبداعية، يجري في محطات منها تغييب الحوار بين الممثلين، وترك العنان لأشكال من صخب وضوضاء البيئة التي تسري فيها الأحداث.


يروي "وقت اللعب" محاولات مسيو هولو للقاء  مسؤول أميركي يحضر إلى باريس في زيارة عمل، لكن هولو يجد نفسه وسط متاهة بصرية مزينة بأشكال من العمارة الحديثة المليئة بالأدوات التقنية، ثم يأخذ هولو بالدوران حول هذه العناصر المدنية الحديثة في عوالم مدينة باريس وكأنه ضائع بين مجاميع من السياح الأمريكيين، وهو الأمر الذي يتسبب فيه بإشكالات من التأخير والفوضى في عمله اليومي.


تعاين كاميرا الفيلم مساحات بصرية واسعة تشكل معالم باريس العمرانية الحديثة، تبدو فيها من على مستويات متباينة تارة، وتارة أخرى بزوايا تطوف داخل الأرصفة والشوارع والساحات والميادين، وفي جميعها تعابير بصرية محملة بالإشارات والإيحاءات تكشف عن تحديات عملاقة تدلل على تقزيم قدرات الإنسان المعاصر وهدر طاقاته في زحام المدينة المعاصرة، ومتطلباتها في البذخ والتبذير على مواد صناعية تجميلية آنية، لا تلبث أن تتساقط وتتناثر مع حراك الإنسان العفوي والطبيعي.


يدين الفيلم التحول الإنساني إلى الأنماط الاستهلاكية السائدة في المجتمعات الصناعية التي تقلص من رقعة التواصل والتفاعل بين البشر، وبالتالي تضيع الحدود الفاصلة بين العمل واللعب، إن لم يكن العبث في القيم الإنسانية الذي يؤدي إلى الانهيار في بنية تلك المعالم، التي تنهض على الصناعة الثقيلة دون أي حساب لأحاسيس ومشاعر النفس البشرية في الاندماج العفوي مع مكونات الطبيعة وفضائها الرحب.


ووفقاً لما سبق، رأى المخرج الفرنسي الشهير فرنسوا تروفو، أحد رواد الموجة الفرنسية الجديدة أن "وقت اللعب" يعبر عن رؤية درامية بصرية هي نقيض الفيلم الأدبي، لكونه لا يشبه في شيء ما هو موجود، كأنه فيلم يسقط من كوكب آخر، تصور فيه الأفلام على نحو مختلف، ولعله يمثل أوروبا "المؤفلَمة" سينمائياً.


واتسمت اشتغالات تاتي صاحب الفيلم الكوميدي "عطلة السيد أولو" ببساطة الأداء، والنص البسيط المقتصد الذي ينضوي على معالجات لازمات الإنسان اليومية، وبرع في تقديم هذه "الثيمة" بخفة وفطنة ومهارة بصرية، لجأ فيها إلى تقديم المواقف المليئة بالدعابة بعيداً عن اللغو في الحوارات متكئا على شخصيته التي تبدو ساذجة بملابسه الثابتة، المعطف والمظلة، وطريقة المشي وكثيراً ما تظهر بلقطات طويلة ومتوسطة.


وقد كان أول ظهور لتاتي العام 1931 في دور اعتمد فيه على تعابير وجهه وجسده لتقليد الرياضيين والحكام، وأدى في العام 1932 دوراً رئيسياً في أحد الأفلام القصيرة بعنوان "أوسكار بطل التنس"، ثم تتالت أفلامه القصيرة في حقبة الثلاثينات من القرن الفائت، وفي أواخر عقد الأربعينات تحول إلى إخراج الأفلام الروائية الطويلة، وفي هذا الجانب قدم أول أفلامه بعنوان "اليوم الكبير" 1949، وأعقبه بخمسة أفلام روائية غدت من أشهر كلاسيكيات السينما الفرنسية والعالمية ونالت العديد من الجوائز، كان من بينها "وقت اللعب" 1967 وفيلم "سير" 1971.