أمـــل حـجــــازي: أطمح لبناء أرشيف ديني خاص وأطلق دعائي الرمضاني قريباً


يكاد يمر عامان على قرار أمل حجازي ارتداء الحجاب واعتزال الأغاني التجارية، والتوجه نحو تقديم الفن الهادف، سواء من خلال تقديم الأناشيد الدينية أو أغاني تحمل في مضمونها رسائل اجتماعية أو إنسانية.

أمل حجازي التي أصبحت بعد الاعتزال، أكثر نشاطاً في طرح الجديد، تفسر ذلك بأنها كانت تشعر بتأنيب الضمير، خلال الفترة التي سبقت اعتزالها الفن، الذي تشعر اليوم أنه عالم غريب عنها، كما أنها لا تتردد بالبوح بأنها تشعر بالندم كونها تأخرت في قرار اعتزالها. "سيدتي" التقتها في الحوار التالي:

في سبتمبر (أيلول) المقبل تكملين العامين على ارتدائك الحجاب، فهل اختلفت نظرتك للأمور على المستويات النفسية والدينية والاجتماعية والفنية؟

أشياء كثيرة اختلفت في حياتي نحو الأفضل، حتى الأشياء السيئة أنظر إليها بشكل إيجابي لأن الله أمرنا بالصبر. من يكن قريباً من الله يفرح بالسراء والضراء، وأنا اليوم أكثر راحة، لأن في الدين راحة نفسية للإنسان.

وهل نظرتك للفن هي كما كانت عليه قبل عامين أم أنك أصبحت أكثر رفضاً له؟

عندما أنظر إلى المجال الفني أتساءل كيف كنت فنانة وكيف تمكنت من الصمود في الفن طوال الفترة الماضية. حالياً، أنا أشعر بأنه وسط غريب عني تماماً. هناك من يسألني هل تشعرين بالندم لأنك تركت الفن فأضحك بيني وبين نفسي وأقول بل أنا نادمة لأنني لم أتركه من قبل، خصوصاً أن الفن لم يعد له قيمة على الإطلاق في الفترة الأخيرة. حتى الحفلات لم يعد هناك إقبال عليها، ولم تعد موضة عند الجيل الجديد.

ولكن، هناك إقبال على بعض الحفلات.

هذا صحيح. ولكن المستوى الفني تراجع كثيراً.

ألا تتابعين أخبار الفنانين والوسط الفني والأعمال الجديدة التي تطرح؟

أنا لست متزمتة ولا أعتبر أن سماع الأغاني حرام، لأن الدين بالنسبة إليّ يسر وليس عسراً، ولكني لا أتابع فنياً لأن «لا جلد لي» (لا يهمني ذلك) وليس لأن الفن حرام. عندما أكون في السيارة أو وحدي، أفضل سماع القرآن، ليس لأنه فرضاً وواجباً بل لأنني أحب سماعه.

على عكس معظم المحجبات، لم تطالبي بحذف صورك أو أعمالك قبل ارتداء الحجاب.

لا يوجد لدي ما أخجل به، وأعمالي هي ملك لشركات الإنتاج، ولو بقيت، فإن هذا الأمر لا يهمني. أنا لا أؤمن بأن صوت المرأة عورة وإلا ما كنت غنيت وقدمت أناشيد وأغاني هادفة.

 

 

كنت أشعر بتأنيب الضمير

اللافت أنك بعد الحجاب أصبحت أكثر نشاطاً فنياً مما كنت عليه قبل قرار الاعتزال؟

في الفترة التي سبقت قرار الاعتزال، كنت أشعر بتأنيب الضمير. ولم أكن أفرح عندما كنت أطرح عملاً جديداً، بينما اليوم فإنني أتعامل مع الفن على أنه رسالة، وكل عمل جديد أقدمه أحاول أن أقدم من خلاله رسالة معينة، كما في أغنيتي الأخيرة عن الأم وسواها من أعمالي الأخرى، وأنا مستمرة بتقديم الفن الهادف.

وهل أنت نادمة على مسيرتك الفنية؟

أنا لا أندم على شيء، لأنني تعلمت من كل تجربة مررت بها. وربما لو لم أكن فنانة لما كنت وصلت إلى القناعة الدينية التي أنا عليها اليوم.

في الفترة الأخيرة أصبحنا نسمع بالمحجبة والمنقبة والمحتشمة. ما الفرق بينهن؟

الحجاب بالنسبة إليّ، هو الذي يردعنا عما نفعله أو يمكن أن نفعله. مثلاً، قبل ارتداء الحجاب كانت تصلني دعوات لحضور أعياد الميلاد في النوادي الليلية وكنت ألبّي بعضها، ولكن اليوم، فلا أحد يمكن أن يوجه لي دعوة مماثلة لأنني محجبة، كما لا يمكن لأحد أن يتفوه بكلام بذيء

في أي مجتمع أتواجد به احتراماً لحجابي. هذا هو الحجاب بالنسبة إليّ، وليس «شعرة» يمكن أن تظهر من هنا أو هناك، أو الابتعاد عن وضع الماكياج. المحجبة ليست امرأة مخيفة أو صفراء الوجه، مع أنني ضد المبالغة في وضع الماكياج وأفضله مرتباً.

كيف تعلقين على كلام الفنانة سهير رمزي التي قالت إنك محتشمة ولست محجبة؟

لا مشكلة عندي، سواء قالت عني محجبة أو محتشمة. لا يهمني إرضاء الناس بل إرضاء ربي.

ولكنها اعتبرت أن ماكياجك مبالغ به ولا يتناسب مع الحجاب؟

هذا رأيها. بما أنها لم تسمح للناس بأن يتدخلوا بها لأنها خلعت الحجاب فكيف تسمح لنفسها أن تتدخل بماكياجي؟ ولو كنت مكانها لما كنت سمحت لنفسي بالتدخل في شؤون الغير. هي انتقدت من انتقدها. وبما أنها انتقدتني يحق للآخرين انتقادها. أنا لم أتدخل عندما خلعت الحجاب، بل قلت ربما هي مؤمنة أكثر من المحجبات. الإيمان ليس بالحجاب بل هو مكمل للدين، وقد تكون امرأة غير محجبة أكثر إيماناً من امرأة محجبة.

 

 

لست مع هذه الموضة

كيف تردين على من اعتبر أن أغنية «حجابك تاج» موجهة إلى الفنانة حلا شيحا لأنها خلعت الحجاب؟

أنا لا أطرح أعمالي لأشخاص معينين. فهل يمكن مثلاً أن أطرح أغنية لأن شهيرة أو سهير رمزي خلعتا الحجاب؟! أنا طرحت الأغنية لأنني سمعت أن الكثيرات يتجهن لخلع الحجاب، ومع أني لا أسمح لنفسي بالتدخل في قرارات الآخرين ولكني أحببت أن أوجه رسالة حول هذا الموضوع من خلالها.

عادة، تتجه غير المحجبات إلى ارتداء الحجاب عندما يتقدمن في العمر، فكيف تفسرين خلع سهير رمزي أو شهيرة له بعد تقدمهما بالعمر؟

سهير رمزي قالت إنها خلعت الحجاب لأنها لم تعد تلفت النظر. الحجاب مصدر للراحة النفسية وارتداؤه يجب أن يكون مبنياً على قناعة تامة وألا تكون ردة الفعل نقمة على الإيمان.

وما موقفك من الممثلات المحجبات اللواتي يرتدين الباروكات كما تفعل الفنانة صابرين مثلاً؟

أنا لست مع هذه الموضة. نحن عادة، نغطي الشعر أو المفاتن لأنها مغرية وتلفت النظر. هذا هو مبدأ السترة، فكيف يمكن أن نلجأ إلى شعر أجمل من شعرنا؟ وبرأيي، عدم ارتداء الحجاب أفضل من الباروكة.

هناك من يعتبر أنك أصبحت أجمل وأكثر أنوثة مع الحجاب. فهل ترين في هذا الكلام مديحاً لك أو محاولة للمزايدة عليك؟

بل أعتبره مديحاً. أنا ضد إهمال المرأة لنفسها في كل أوقاتها وحالاتها. أعتقد أن الرجل كما المرأة يفرحان عندما يسمعان مثل هذا الإطراء لأنه يرضي غرورهما.

قبل الحجاب كان واضحاً الجانب الإنساني في شخصيتك، فهل هو زاد بعد ارتدائك له؟

لطالما أحببت فعل الخير، ولا يمكن أن أشاهد شخصاً محتاجاً دون أن أمدّ له يدّ المساعدة.

هل تفكرين بتأسيس جمعية خيرية مثلاً؟

العمل في الجمعيات الخيرية صعب جداً، وأحياناً أشعر أنني «أتسوّل» عندما أطلب المساعدة لمن يحتاجها. الساعي للخير كفاعله، ولكن المشكلة أن البعض «يهربون» منا عندما نطلب المساعدة، ولذلك أنا أقدّر وأثمّن تعب الجمعيات التي تساعد المحتاجين.

ما هي الطقوس التي تحرصين على القيام بها في رمضان؟

لا شيء أجمل من طقوس رمضان لأنها تساهم بإعادة إحياء العادات العائلية التي صرنا نفتقدها، من بينها اجتماع أفراد العائلة حول مائدة الإفطار بعد أن أصبح كل فرد منها يتناول طعامه بمفرده في الأيام العادية. هذا الأمر ثمين ولا يقدّر وأصبحنا نشعر بقيمته أكثر من السابق، لأن الروابط العائلية بدأت تتلاشى مع مرور الوقت.

إلى ذلك أنا أمارس كل العبادات كالصلاة وقراءة القرآن، ليس في رمضان فقط، بل في كل أيام السنة، ولكن في شهر الصوم يبقى لها طعم مختلف، لأنها تتم بشكل جماعي ويقوم بها كل الناس. في رمضان كل الناس يصلون ويختمون القرآن، ولذلك أنا أنتظر هذا الشهر على أحرّ من الجمر لأنه شهر العبادة والخير والبركة وهو حقاً شهر فضيل.

هل تقومين بتوجيه ولديك للقيام بواجباتهما الدينية في رمضان؟

طبعاً، أنا أحاول أن أعوّد ولديّ على ممارسة طقوس رمضان. كريم يصوم يوم السبت فقط لأنه صغير ويتعب، والسبت هو يوم عطلته المدرسية. أنا أبذل جهدي لكي أنشىء ولديّ تنشئة دينية صحيحة، وأن أفهمهما ما هو المعنى الحقيقي للصوم.

هل تحضّرين أعمالاً جديدة لرمضان؟

أنا بصدد التحضير لدعاء خاص برمضان. أشعر بالفخر لأنه تصلني على الخاص تعليقات، تقول بأنني شجعت البعض على ارتداء الحجاب، وهذا الأمر يفرحني كثيراً لأنه يشعرني أنني أقدم فناً هادفاً ورسالة من خلال أعمالي. أي شيء يفيد الدين الإسلامي أو المجتمع سوف أقدمه، سواء من خلال الغناء أو أي مجال آخر. لقد فوجئت كثيراً بالإقبال على أغانيّ الدينية.

وكيف تفسرين السبب، هل لأنك كنت فنانة، أم لشخصك أم لأنك لست متزمتة دينياً؟

الناس لا يصدقون كل من يغني، وهناك فنانون مشهورون وناجحون بأغانيهم، ولكن الناس لم يصدقوهم بل شعروا أنهم مزيفون عندما طرحوا أناشيد وأغاني دينية. من يقدم عملاً غير تجاري ومن كل قلبه ويضع فيه محبته الصادقة والخالصة، فلا بد وأن يصل. أنا لا أفكر بالنواحي المادية أبداً، بل أحرص على تقديم رسالة هادفة وأرشيف يفتخر به أولادي. أخطط لأرشيف ديني كبير، ولذلك أنا نشيطة ولا أتأخر أبداً بطرح أعمال جديدة بين فترة وأخرى.

 

 

ابنتي تقلدني بأعمالي الدينية

قلت إنك تريدين ترك أرشيفك الديني لأولادك، وماذا بالنسبة لأغانيك السابقة؟

إبني وابنتي يفضلان أعمالي الدينية، وهما لا يشاهدان أعمالي السابقة. عندما كنت في المجال الفني، كانت ابنتي تقف أمام المرآة وتحمل شيئاً بيدها على أنه ميكروفون وتقوم بتقليدي. أما اليوم، فهي تطلب مني وهي ترتدي ملابسها، بأن أعيرها من «فولاراتي» (أوشحتي) لكي تضعه، حتى أنها تقلدني بأعمالي الدينية. وهذا الأمر يعني أن الأهل هم قدوة لأولادهم، وأنا أريد أن آخذ أولادي إلى مكان جيد. من يدخل في الفن، من الصعب جداً أن يسمح لأولاده بدخوله، لأن طريقه صعب وفيه الكثير من المغريات و«الوَسَخ» عندما يريد الفنان أن يكون «وَسـِخاً». ومن ينجح بعدم الإنجراف في وحوله، عليه أن يكون محصناً من الداخل و«عينه شبعانة». أنا أفرح كثيراً لأن أولادي يتابعونني كفنانة تقدم أعمالاً دينية. الأم هي أساس المنزل والقدوة والمثل الأعلى بالنسبة إلى أولادها، ولذلك هم يقلدونها وإبنتي تقلدني كثيراً.

لا شك أنك كنت محصنة عندما كنت في الوسط، ولكن هل توجد الكثيرات مثلك؟

لا أعرف، ولا يمكنني أن أحكم على أحد. ما أعرفه هو أنه تُعرض على الفنان أشياء مغرية، والقرار يعود له برفضها أو قبولها. الفن يمكن أن يجرف. ولذلك أنا لا أحبذ أبداً دخول أولادي إليه.

هل تلومين الفنانين الذين يسمحون لأولادهم دخول المجال؟

كل فنان حرّ بقناعاته وأنا لا ألوم أحداً. أنا أتحدث عن رأيي الخاص، وهناك من ينظر إلى الموضوع من منظار آخر وهذا حقه. في النهاية كل إنسان لديه وجهة نظر خاصة به.

 

 

لن أتخلى عن حجابي

ماذا تقولين للذين يراهنون على خلعك الحجاب عاجلاً أم آجلا؟

فليراهنوا. سبق أن كتبت لو أنهم أعطوني كل كنوز الدنيا وطلبوا مني التخلي عن مبادئي ومن بينها الحجاب، فلن أرضى أبداً. أنا لا أردّ على كل ما يُقال.

وما هي الأشياء الأخرى التي لا تتخلين عنها؟

لا يمكن أن أتخلى عن ذكر الله لكي لا يتخلى عني «اذكروني أذكركم». عندما يتخلى الله عن الإنسان ويزيح عنه رحمته، لأنه ابتعد عنه وعصى أوامره، يصبح تعيساً حتى لو كان يملك مال الدنيا. هناك أناس فقراء لا يملكون سوى رحمة ربنا، ولكنهم أكثر سعادة من أي شخص يملك المليارات، ولذلك يمكن أن نجد أن عدداً كبيراً من الأثرياء يعيشون حالة من التعاسة، فيتجهون نحو المخدرات أو ينحرفون أو ينتحرون. السعادة ليست بامتلاك المال بل بالقرب من الله. التربية الدينية السليمة، تكون بتعليم أولادنا بأن الله محبة، وليس بأن نخيفهم منه.

إلى أي مرحلة من التفكير وصل إيمانك؟

إلى مرحلة عدم التمسك بالحياة وعدم الخوف من الموت. أنا أؤمن بكل كلمة مذكورة في القرآن. الحياة لا شيء والسعادة الحقيقية ليست هنا. السعادة التي لا حزن فيها، ولا خسارة لمن نحبهم ولا خوف على أحد ليست على هذه الأرض. من يشعر أنه قريب من الله لا يخاف الموت، ولكني أخاف من المرض. الموت كفكرة لا تخيفني، ولكني متفائلة جداً ولست متشائمة

أبداً، بل أعتبر أن الموت حق وهو الحقيقة الوحيدة التي لا يوجد خلاف حولها في أي دين سماوي.

هل يوجد تواصل بينك وبين الفنانين؟

في الأساس أنا لم أكن على تواصل دائم مع الفنانين، وحالياً لا يزال يوجد لدي أصحاب فنانون ولكننا لا نلتقي إلا نادراً.

في الفترة التي سبقت قرار الاعتزال، كنت أشعر بتأنيب الضمير. ولم أكن أفرح عندما كنت أطرح عملاً جديداً

لا شيء أجمل من طقوس رمضان لأنها تساهم بإعادة إحياء العادات العائلية التي صرنا نفتقدها

سبق أن كتبت لو أنهم أعطوني كل كنوز الدنيا وطلبوا مني التخلي عن مبادئي ومن بينها الحجاب، فلن أرضى أبداً

شاهدوا فيديو كواليس تصوير غلاف «سيدتي» مع أمل حجازي على tv.sayidaty.net

author
بيروت - هيام بنوت
Subtitle
سهير رمزي لم تسمح لأحد بأن يتدخل بحجابها فلماذا تدخلت بماكياجي؟
رقم العدد
1992
Photographer
hotography: Zobian Saad - Art Direction And Styling: Sarah Keyrouz Location: Movenpick Hotel - Beirut - Makeup: Samer Khouzami Looks: Tony Ward, Basil Soda, One Melrose, Boshies, Louboutin
Slideshow
publication_date_other