حكاية أهل بغداد مع لعبة (المحيبس) الرمضانية

لعبة (المحيبس)، التي تجمع الشيوخ والشباب
الجلسات العائلية ولعبة (المحيبس)
النساء يلعبن (المحيبس) أيضاً
البرنامج التليفزيوني، واللعب عبر الهاتف
اللعبة التي يعود تاريخها إلى العصر العباسي
6 صور

يمارس البغداديون في شهر رمضان، طقوساً خاصة توارثوها عن أجدادهم، ويحرصون على إدامتها في كل رمضان؛ خاصة في المناطق الشعبية التي ماتزال تكتنز خزين التراث ولا تفرط به، ولعل لعبة (المحيبس)، وهي تصغير لكلمة محبس أو خاتم، هي واحدة من الألعاب التي يجتمع فيها الشباب والشيوخ على السواء، ويقال إن تاريخها يعود إلى زمن العباسيين وربما أبعد من ذلك، وعادة ما تبدأ طقوسها بعد وقت الفطور، وبعد أن يخرج الرجال من بيوتهم متوجهين إلى المقاهي الشعبية التي عادة ما يتسامرون فيها حتى موعد السحور.


قوانين اللعبة

lb_2.jpg
وفي هذه اللعبة، ينتظم الرجال في مجموعتين تمثلان في الغالب منطقتين سكنيتين مختلفتين من جانبي الكرخ أو الرصافة، واللتين يفصلهما نهر دجلة وتوصلهما ببعض سبعة جسور مشيدة على هذا النهر، وعادة ما يكون بين هاتين المجموعتين ثأر وتحدٍ ومنافسة شديدة؛ حيث يجلس اللاعبون في صفين متقابلين، ويقوم رئيس أحد الفريقين بإخفاء المحبس في يد لاعب من فريقه، بعد أن يغطي الأيدي جميعها بقطعة قماش كبيرة أو بطانية تحجب الرؤية عن الطرف الثاني، ثم يسعى لاعب واحد من الفريق الخصم وبمساعدة لاعبين آخرين من فريقه للتعرف على اليد التي تخفي المحبس من بين كل الأكف المسدودة، وإذا نجح في المهمة يبدأ التصفيق والتهليل، وتُحتسب نقطة لفريقه، ويأخذ المحبس لتبدأ دورة اللعب من جديد ويكون الطرف الأول هو الذي يبحث عن المحبس في هذه المرة وهكذا، إلى أن يصل أحد الفريقين إلى النقاط المطلوبة والمتفق عليها مسبقاً، ويكون لزاماً على الطرف الخاسر أن يشتري صواني البقلاوة والزلابية وزنود الست ويوزعها على الفريق الفائز وعلى المشجعين ورواد المقهى، ولعبة المحيبس تدخل عالم التكنولوجيا.
وعلى مر السنين، صار لهذه اللعبة رجالها ممن اشتهروا بالفراسة والذكاء والقدرة على الحصول على المحبس والتقاطه، من بين عشرات الأيدي التي يحاول أصحابها التمويه واستخدام الحيل النفسية للإيهام بوجود المحبس في هذه القبضة أو تلك، وقد اشتهر أحد أبطال هذه اللعبة بفراسته الحادة، ونجح في إحدى المرات في الوصول إلى المحبس من بين ألف يد مغلقة وممدودة أمامه.

 

تكنولوجيا حديثة

lb.jpeg
وعادة ما ترافق هذه اللعبةَ الفرقُ التي تعزف الموسيقى الشعبية ومطربو الأغاني التراثية، مثل غناء المربعات (على نمط أغنية يتبغدد علينا واحنا من بغداد، للفنان كاظم الساهر)، من أجل بث الحماس وإشاعة الفرح في نفوس الحضور، وبمرو السنين بدأ التليفزيون العراقي ببث أهم جولات لعبة المحيبس، وتقديم برنامج تليفزيوني يستخدم التكنولوجيا الحديثة في التواصل مع المشاهدين، الذين يلعبون هذه اللعبة من خلال الهاتف، ولكثرة الشعبية التي تحظى بها اللعبة؛ فقد وصلت إلى العالم الرقمي وأجهزة «الأندرويد»، من خلال لعبة إلكترونية تسمى «the ring»، والتي يصل أعداد لاعبيها إلى مئات الألوف، وقد انتشرت هذه اللعبة عبر السنين من مدينة البصرة العراقية الجنوبية إلى بعض دول الخليج، وتقام حالياً دورات للعبة المحيبس على نطاق الخليج العربي.