الحيوانات الأليفة جواسيس لدى المخابرات الأمريكية خلال حربها الباردة

العلماء زرعوا أجهزة في أدمغة الكلاب للتحكم بها عن بعد
الدلافين جيدة
كلب حراسة وتحريات ومهام أخرى
الغراب أفضل جاسوس للمخابرات الأمريكية
القطط رغم تمتعها بالذكاء فشلت في التجسس
5 صور

في القرون الأولى والوسطى، منذ آلاف السنين، كانت الجيوش المختلفة تستخدم الحمام الزاجل لخدمة جواسيس بشريين؛ عبر إرسال ما يستخلصه الجواسيس من معلومات إلى قادتهم، أما اليوم فأصبحت وسائل التجسس أكثر تطوراً وحداثة، ورغم ذلك اعترفت وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية بأنها استخدمت الحيوانات الأليفة في عمليات تجسس مهمة لها، ونشرت وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية العشرات من الملفات حول اختبارات التجسس التي امتدت على عقد من الزمن، وشملت القطط والكلاب والدلافين والغربان ومختلف أنواع الطيور.


وجعلت الولايات المتحدة من الحيوانات الأليفة، بشتى أنواعها، بديلة لوسائل تجسسها على الاتحاد السوفييتي أثناء الحرب الباردة، حيث كشفت وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية عن قيامها بتدريبات مكثفة لأنواع من الطيور والقطط والكلاب والدلافين، في إطار برنامجها التجسسي؛ إذ قامت بتجهيز هذه الحيوانات بكاميرات وأدوات تنصت وتسجيل؛ بهدف جمع البيانات اللازمة التي تجعلها في موقع الطرف المتفوق.


احتلت الطيور لفترة طويلة موقعاً أساسياً في برنامج الاستخبارات المركزية الأمريكية (سي.أي.إيه) الهادف إلى تدريب حيوانات لمساعدة واشنطن على التغلب على الاتحاد السوفييتي في الحرب الباردة.

في مطلع العام 1974، كان الغراب «دودا الأول» في صف التجسس، ومستعداً ليصبح عميلاً كبيراً للاستخبارات المركزية الأميركية. وكان أداؤه يتحسن عندما يكون تحت الضغط، ويقدر على حمل ثقل أكبر من الآخرين، والإفلات من مطارديه. لكن خلال الاختبار الأقسى في تدريبه اختفى هذا الغراب، بعدما هزمه اثنان من نوعه.

ونشرت وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية النافذة جداً، الخميس، العشرات من الملفات حول هذه الاختبارات، التي امتدت على عقد من الزمن، وشملت القطط والكلاب والدلافين وشتى أنواع الطيور.

وكانت الوكالة تدرس الطريقة التي يمكن فيها استخدام القطط كأدوات تنصت نقالة. وحاولت أيضاً زرع أجهزة في دماغ كلاب؛ لمعرفة إن كان التحكم بها عن بُعد ممكناً، إلا أن كل هذه المحاولات لم تفض إلى نتيجة ملموسة، حسب موقع «العرب».

لكن الجهود تركزت خصوصاً على الدلافين، التي دربت لتصبح قادرة ربما على التخريب والتجسس على تطوير الاتحاد السوفييتي لأسطول من الغواصات النووية، التي كانت تشكّل ربما أكبر تهديد للسلطة الأميركية في منتصف الستينات.

وكان مشروعا «أوكسيغاز» و«شيريلوجي» يسعيان إلى معرفة إن كانت الدلافين قادرة على الحلول محل الغواصين لوضع متفجرات على سفن راسية أو مبحرة، والتوغل في مرافئ سوفييتية؛ لترك أجهزة تنصت سمعي أو أدوات رصد صواريخ أو حتى السباحة بموازاة غواصات لتسجيل الأصوات الصادرة عنها، وقد تم التخلي عن هذه البرامج أيضاً.

إلا أن مسؤولي الاستخبارات تحمسوا على القدرات التي قد تتيحها الطيور، من حمام ونسور وبوم وغربان، وبعض الطيور المهاجرة أيضاً.

وللاهتمام بذلك، استعانت وكالة الاستخبارات الأميركية بعلماء طيور؛ لمعرفة تلك التي تمضي جزءاً من السنة في منطقة واقعة جنوب شرق موسكو، حول مدينة شيخاني، حيث كان يملك السوفييت مصانع أسلحة كيميائية، وكانت الوكالة ترى هذه الطيور على أنها «مجسات حية» تحمل في جسمها من خلال الأكل الذي تقتاته المواد التي يختبرها الروس.

وفي مطلع السبعينات، توجهت الوكالة إلى الجوارح والغربان؛ أملاً في تدريبها لمهمات، مثل وضع جهاز تسجيل على حافة نافذة. وفي إطار مشروع «أكسيولايت»، كان خبراء على جزيرة في جنوب كاليفورنيا يدربون طيوراً على التحليق لكيلومترات فوق المياه.

وعندما كان أحد هذه الطيور يبلي بلاءً حسناً، يختار لإدخاله سراً إلى الأراضي السوفييتية؛ ليطلق فيها مع تجهيزه بكاميرا لالتقاط صور والعودة بها. إلا أن المهمة كانت معقدة، فالببغاوات كانت ذكية، إلا أنها بطيئة جداً لتجنب هجمات طيور أخرى، وقد نفق نسران جراء المرض.

وقد علق الخبراء آمالاً كبرى على الغراب «دودا»، فقد كان يتمتع بقدرة تحمل كبيرة، و«نجم المشروع» على ما كتب أحد العلماء، فهو كان قادراً على معرفة الارتفاع الصحيح والرياح المواتية، وكان حذقاً في تجنب هجمات الطيور الأخرى، إلا أن جلسة التدريب في 19 يونيو 1978 لم تنته على خير، فقد هاجمته غربان أخرى، واختفى من غير رجعة، ما شكّل نكسة للعلماء.

واحتل الحمام حيزاً كبيراً أيضاً في البرنامج، وتُستخدم هذه الطيور منذ آلاف السنين لنقل الرسائل وخلال الحرب العالمية الأولى لالتقاط صور. وكانت وكالة «سي.أي.إيه» تملك الآلاف من طيور الحمام وتدربها على الأراضي الأمريكية وتجهيزها بكاميرات.

وقد حددت الهدف لها، وهي أحواض بناء السفن في لنينغراد (سان بطرسبورغ) حيث كان السوفييت يبنون غواصاتهم النووية، إلا أن نتائج التدريبات أتت متفاوتة، فقد فرّ بعض الحمام مع كاميرات مكلفة جداً ولم يعد.
ولا توضح الوثائق المنشورة إن كانت عملية لنينغراد قد نفذت أم لا، إلا أن تقريراً للوكالة يعود للعام 1978؛ يشير بوضوح إلى أن أسئلة كثيرة كانت تطرح حول إمكانية الاعتماد على الطيور.