القِوامة تكليفٌ

أميمة عبد العزيز زاهد

قالت: كنت أعتقد بأن مظاهر الوجاهة التي تحيط بك ستجعل مني زوجة سعيدة، واعتقدت بأن بقوة شخصيتك وبحكمتك وفطنتك، تكفل لي السير على أرض صلبة، وكنت واهمة بأنك ستكون قائداً بارعاً لسفينتي، ولكنك مزقت بيديك شراعها، واكتشفت أيها الرجل أنك لم تستكمل بعد النضوج الكامل، الذي يؤهلك لسيادتي وفهمي ورعايتي؛ لأنك عاجز عن معرفة أصول الحياة أو فهم المسؤولية الزوجية، ومع الأسف لم أكتشف أسلوبك الهمجي في التعامل معي إلا بعد الزواج.

سيدي: أنت تبدو أمام الناس بثوب ناعم تخفي داخله ما يجيش به صدرك من شراسة وعنف، وتحت ستار الطيبة تمارس أعنف أدوارك، فأنت تحبني بطريقة شاذة، وأنا لا أهوى أن أكون ظلاً أو شبحاً في حياتك، ولسوء حظي أنك تربيت في بيئة لا تساوي فيها المرأة صفراً على الشمال، حاولت إفهامك بالمنطق أن الدين أنصف المرأة، وأنت تظلمها، وأن الأصل هو المساواة بين الرجل والمرأة في جميع النواحي الإنسانية والاجتماعية والمادية، وللرجال علينا درجة القِوامة، والقِوامة لها قواعد وضوابط وشروط، والقِوامة تكليف وليست تشريفاً، ولكن في كل مرة يذهب كلامي أدراج الرياح، فدائماً تصر أني السبب في كل ما يحدث بيننا من سوء فهم، وكم حاولت إقناعك بأن أي خصام أو خلاف يحتاج منا إلى حوار ومناقشة، ولكنك كنت تستخف بكلامي، وتقلل من شأني وتتلفظ بألفاظ كلها إهانات لشخصي ولتربيتي ولعائلتي، وتستمد قوتك من نفوذك المادي، وتظن أنك بمالك امتلكت كل شيء، ولو كنت مهتماً بسعادتنا؛ لتحليت بكرم الطباع، ومع الأسف كل يوم تظهر لي رواسب تربيتك؛ حتى تطور خصامك لمرحلة أشد عنفاً وأعمق جرحاً، وبدأت تتفنن باستخدام يدك وتعشق العنف، ووصلت معك لمرحلة تبلد شعوري بالألم، ففي كل مرة أبرر إصابتي لمن حولي بمبررات أحفظ بها ماء وجهي، فمرة سقطت، أو تعثرت، أو وقعت على وجهي، أو غيرها من الأعذار الواهية، كنت أُجبر نفسي على الالتزام بالصمت، بعد أن كرهت مجادلتك في أمور لا طائل منها، فعشت أشهراً من الذل، وصبرت، وتحملت؛ حتى انزوت حياتي معك، وتوارت، وأصبحت مجرد اسم في بطاقتك الشخصية، لا يا سيدي، لن أتمكن من الاستمرار معك، فلا داعي بأن تخيرني بين أمرين، أحلاهما مر، لا يا سيدي لن أرضى أن أعيش في المنفى الإجباري، الذي صنعته بيديك، ولن أقبل أن تتزوج بأخرى، ولكن هناك حلاً ثالثاً، وهو أن تعطيني حريتي، فأنا لم أتذوق معك معنى المودة والرأفة والرحمة؛ لأنها تلاشت من أعماقي، كنت أنشد معك الاستقرار والحماية والسعادة، ولكن بتعاملك الفظ وتحكماتك البدائية عشت في واقع نفسي مرير…جعلني أكتم أحاسيسي ومشاعري في أعماقي، فلا تظن أني أراك الأقوى، بل على العكس إني أرى فيك الضعف والجبروت، ولا تظن بأن أموالك تشفع لك عن سوء خلقك، فأنت إنسان لا يمكن معاشرته. .