بالنيابة عمّن يتلذذ بوحدته

سلمى الجابري
بالنيابةِ عن المطر، عن هرب الأجسادِ من البلل، بالنيابةِ عن بكاء المظلات المشرعة، عن ألوانها، وصمتها، عن الوجوه الخائفة من العاصفة، بالنيابةِ عن كل من يبحث عن الأماكن الدافئة، عن يد، عن عناقٍ، عن وطن يحتضنه، بعمق هذا البرد. بالنيابةِ عمّن يتلذذ بوحدته، بحقائبه الفارغة، بالنيابةِ عمّن يبحث عن حججِ للغياب، عن وجهات تحتضن بقايا الأسرار، والغبار، عن لمعان الأعينِ رغماً عن الأضواء الخافتة، بالنيابةِ عن كل الأصدقاء الذين لم يعد يهمهم أمرك، رحيلك، بقاؤك، وموتك. ها أنا أقف معهم جميعاً ضدك، ضد هذا الشعورِ الغض، البالغ في الحزن، والأسف، أقف مع موسيقاك المحبوبة، ضد قلبك الخفيّ، أقف مع النادباتِ ضد رسائلك الصفراء، لو أنك تراني فقط، كيف ظفرت بجناحِ الفراشة، وجفافك، لو أنك تراني، كيف تسللت من وأدك، نحو الغابات اللاشوكيّة، حيث يجتمع الضوء والحياة معاً دونك، ومعي أنا، أنثر شغفي، أنوثتي، انكساري، وطفولتي، وكل هذا العراك من أجل البقاء بعيداً عن بؤسك، وبؤسي..