رائحة حُب.. ورجُل

سلمى الجابري
أكثر ما قد يعذبنا في الغياب، وفي لحظات الاشتياق الطارئة، هي رائحتهم، تلك الرائحة التي بدأ من عندها كل شيء، كالحب، كالبهجة، كالتأمل الطويل في النوارس، في لحظات الغروب، في وجوه المارّة، في انعقاد الأفكار ورحابتها، تلك الرائحة التي تنتمي للجنة، كم نحن نحبها ونفقدها، ونتألم من أجلها وبسببها، كلّما أوجعتنا الحياة. لا أذكر قط أني قد بكيّت سابقاً من أجلِ رائحة (حبٍ ورجُل)، لكني معك قد أصبحت مأخوذة برائحتك، بعطرك البالغ في الرجولة والحضور، فلتخبرني من ذا الذي سيستطيع مجاراة دفءِ روحك؟ من ذا الذي سيملؤني أملاً بعد كل ذاك الألم؟ لا أحد سيجيد الأجوبة غيرك، كما لا أحد سيحبني كما تفعل. لم أخطط مسبقاً على أن أحبك، كما لم أترك الباب موارباً كي يتسنى لك الدخول، لكنها الأقدار، هي الأقدار يا رجُل الهوى، من تعيد صياغة الحكايا دون أن ندرك ذلك. لكل لحظة نعيشها لها رائحة تميزها، رائحة تبقيها متوقدة، وباقية بين أعمق التفاصيل وأًصغرها، فرائحة الحزن وعلى سبيل البكاء شهية، محرضة للأسى وللتبركِ بالذكريات القديمة، أما رائحة الحب، فهي تلك الرائحة العصيّة على الوصف أو حتى على التذكر، فرائحة الحب بداخلها تختزل كل المشاعر العاطفية، التي قد نشّمها في لحظة عناق خاطفة، أو حتى في مصافحةٍ مارقة، هذه الرائحة السماوية هي من تعيدنا لنقطة البداية ونحن متعبون، متعبون جداً من الانتظار والحنين. أكثر ما قد أفقده هو أن يأتي ذلك اليوم الذي لا أستطيع فيه أن أضع رأسي على كتفك، كي أستنشقك، كي أموتك وأعيشك في الآن ذاته