عراء الصمت

سلمى الجابري

 

 هل علينا أن نحبهم فقط من أجل العشرة، أم من أجل العمر الذي قضيناه معهم؟ هل علينا أن نشعر بالمودة فقط من أجل الذكريات المشتركة، أم حتى من أجل الأطفال؟ بالطبع نعم، لكن ماذا عن قلبنا؟ ماذا عن جنون الحب؟ أين هو عنّا!!

لا أعلم لمَ البعض لا يُحب شريك حياته من أجل شخصه، أو من أجل مشاعره؟ بل يحبه لأنه فُرض عليه كشريكٍ أبديّ، لذلك أحبه كشيء غير قابلٍ للتفاوض أو للنقاش أو حتى للمساءلة، لذلك أتعجب كثيراً عندما أسأل أحدهم هل تحب حقاً شريككَ الأبديّ؟ يصمت طويلاً، يفكر كثيراً، يشرد بأفكاره مع كل عمره الذي هربَ منه، ثم يجيب بامتعاض «نعم»، حينها فقط أدرك جيداً أن ما يشعر به ليس سوى مودة أو مجرد ألفة، فرضتها عليه السنون التي قضاها تحت سقفٍ واحد، لكن الحب الذي يضرم الحرائق بقلب أي عاشق فهو يفتقده حتى اليباب.

الحُب لا يأتينا على حسب رغباتنا أو حتى على حسب زيجاتنا، لكن يجب علينا أن نبحث عنه بداخل قلوبٍ قطعنا معها عمراً ليس بالسهل التوقف عنده، ليس علينا أن نستمر أكثر دون أن نخلق من مشاعرنا الباردة مشاعر عاطفية أكثر توهجاً وجنوناً، نحتاج بين فينةٍ وأخرى أن نقفز فوق حياد التفاصيل الرتيبة؛ حتى نجتاز السأم الذي يجتاح أي علاقة زوجيّة بالكثير من العاطفة التي قد نكون افتقدناها في منتصف عمرنا المقدس.

للأسف فخلف كل فراغٍ عاطفيّ يجتاحنا في زمن لا نتوقعه، يترك خلفه الكثير من الصمت المطبق، والكثير من الصمت العاصف، والكثير الكثير من صمت التعالي، الذي لا يمكننا مقاومته أو حتى مقاطعته بلذيذ الأحاديث القديمة، التي قد تعيد نضارة الحب، نضارة الصبابة، ونضارة حميمية الذكرى الأولى، لذلك كلّ ما تقدمنا معهم بالعمر علينا أن نميل لخلق الإثارة من كل شيء ومن اللاشيء، فقط حتى لا يتوقف عمرنا عند عراء الصمت، بجزيل الشحوب العاطفيّ