فيما مضى كنت صديقي

سلمى الجابري
كم مرة في حياتك قد تقاطعت أقدارك مع الحب؟ أو حتى مع البؤس! لا تُجب، فكفة الحزن حتمًا ستكون فارقة جدًا عن الأخرى. نحن مهما تظاهرنا بالبهجة، سيقصمنا التعب، سيثيرنا الألم رغمًا عن قسوته، هذه النزعة المفرطة بالغرابة تجعلنا أصدق بكثير بين ذواتنا وبيننا، على أقل تقدير. فيما مضى، كان لدينا الكثير من الأصدقاء، من الوجوه التي نحبها، من الأصوات التي بسببها قد نتجاوز أي غصة، ثم نبتسم، فيما مضى كنت صديقي، كنت تنبت بداخلي، تكبر، تمد جذورك كشجرةٍ وارفة، ولا تأبه للخريف، المهم أن تبقى كما أنت، لكنك لم تعد كذلك، ويا للأسف! فأنا من بعدك لم أعد أجعل الباب مواربًا، قد حلّ الظلام، فقدت الرؤية، وما عدتُ تلك المرأة المتطلبة، الصورة باتت ضبابية، وهذا يكفي للبكاء بوحدة. إن كنت تقرأني من بعدٍ أجهله، لا تعد، مهما أخذك الحنين، ومهما وخزتك الذكرى، ابلع الغصة، وابتسم لمن حولك، ستجد من بينهم من يستحق أن تمد له يدك الصادقة، يدك التي أحبها بقدرِ ما لا تعلم، فقط ابتسم نيابةً عن كل المحزونين، والوحيدين مثلي، حتى تصبح الحياة أخف..