لا تعش حباً بالتقسيط

سلمى الجابري
عِش وحيداً بقدرِ ما تريد، وحده الحب من سيبدد لك وحشتك يا صديقي. أليسَ من العدلِ أن نُحبّ قبل أن تنتهي الحياة في عيوننا؟ فنحن لن نحظى دوماً بحبٍ عظيم، لكننا حتماً سنتقاطع معه قبل انتهاء الحلم الأخير، وحتى يحين ذلك، فلتستعد جيداً؛ كي تتعرف عليك من جديد، كي تحب الحياة، والعالمين، مشاهد الصباح والغروب، بخار القهوة، ساعات السهر الطويلة، الأفكار المتشابكة ببعضها على هيئة صداع، الغيرة الحارقة، والطفولة المتأخرة من جديد، كن مستعداً كي تكون رجلاً آخر غيرك. لا يمكنك تجاهل رعشة الحب حين تجيء، خذ ما تبقى فيك، بل خذكَ كلك نحو أقاصي الجنون دفعةً واحدة، فليس هنالك لذّة بأن تعيش حباً بالتقسيط المريح، وكأن هذه الحياة ستجود عليك بالمسرّات، بالقبل، بالكثير والكثير من لحظات العناق، فكل هذا الخواء الذي بداخلك الآن سيمتلئ، وكل هذا الشحوب الذي يعتري ملامحك سيختفي، أما عن روحك فهي ستبدو أكثر خفّة وطفولة. لا تخف من مرارة الحب؛ لأن طعمه سيبقى في فمك طويلاً إلى أن تتلذذ به. ستصلي كثيراً بداخلك، ستبتهل، ستطيل في الدعاء بألا ينتهي، لا ينتهي هذا الحلم الأبيض إلا بفرحةٍ تفضي بك إلى الجنة مباشرة، ستواجه الكل بلا استثناء؛ حتى تؤكد لهم حقيقة الشعور، فالحب عبارة عن: مواجهة.. وأنت ستكون على أهبتها على الدوام