هاجس التلاقي

سلمى الجابري
في كل حياةٍ من حيواتنا تتملكنا حاجةٌ غامضة إلى لقاء أحد رفاق روحنا، فالحب الأعظم الذي فرق بين هؤلاء يسعد بالعشق الذي يجمع شملهم من جديد. (باولو كويلو) عند قراءتي لرواية «بريدا» للملهم الروحي (باولو كويلو)، وجدتني سادرة، ومنسابة بفرطة بين منافذ الفكرة المقلقة التي كانت تدور حول فخاخ هذه الاستفهامات؛ أين يمكننا أن نجد رفيق روحنا؟ أو متى يمكنه أن يظهر لنا من غياهبِ الاحتياج؟ وكيف سيكون؟ وهل سيتقبلنا باعوجاجنا الداخليّ؟ أو هل سيتقاطع مع ثقل الخيبة التي بداخلنا بجزيل السلام والمحبة؟ فهذه الرواية أثارت حفيظتي للكثيرِ من الأسئلة، كما حقنتني بالفضولِ المباغت، فأنا لا أعلم كم ينبغي علينا العيش بعد، حتى تتوحّد أقدارنا في النهاية معهم! لكن كل ما يهمني الآن هو أن أتشبث بهاجس التلاقي، رغماً عن لحظةِ التلاشي المربكة. | هل فعلاً يمكننا أن نميز رفاق روحنا من لمعان أعينهم؟ هذا يبدو لي فعلَ جنون، واختباراً يفضي للحرج، ماذا لو خانتنا اللحظة بكلِ عبثيتها كما تفعل معنا الحياة باستمرار؟ ماذا عن اجتراح المشاعر، وتسارع الأنفاس؟ وكل هذه الفوضى والزحام العاطفي الذي هو مرتبط بنظرة فقط!! أليس هذا ضرباً من الغرابة؟ لكن أكد لنا كويلو ذلك في رواية «بريدا»، وهذا الأمر مثير للتساؤلات، وللكثيرِ من الشغف الجائع للقائهم. كان ومازال الحُب قادراً على أن يعيدنا لمشاعرنا البكر، بكلِ بدائيتها وطفولتها، يجعلنا نبحث خلف الكلمة، خلف اللحظة، خلف الفكرة المستعصية باللهفة، وخلف المشاعر المؤثثة بالدموع، الحُب هو الأمر الوحيد القادر على أن يستحوذ الكثير منّا بفردانيّتهِ، كما له تلك القدرة الخفيّة التي تجعلنا ممتلئين به حد النشوة، ولأنه ببراعة يمكنه أن يمدّ جذوره فينا سنجد أننا نتجرّع كثيراً من مرارته بين فينةٍ وأخرى، ولذلك سيعلمنا بعد كل وخزة خيبة الكثير من الأسرار، سيعلمنا كيف يجب علينا أن نقف من بعدِ كل لحظة غاشية، سيجعلنا ندرك بأن الحياة لا يمكنها أن تكون ملونة ومبهرجة إلا عندما نحب، سيخبرنا الحب باستمرار ومن دون أن يتململ من إلحاحنا الطفولي بأننا لن نكون بخفة نورس يلهث بين زرقة السماء، وتضارب الأمواج إلا عندما نؤمن به، وبأننا لن ننزع عنّا كل هذه المظاهر المتكلفة حتى نميل لبساطة اللحظة، إلا عندما نثق بشريكنا الروحي