كابوس العلاقة الزوجية

أميمة عبد العزيز زاهد
إن بقاء الزوجة مع زوج لا تريده بالتأكيد لا يخلو من سبب، وأياً كانت الأسباب، سواء كانت من خلال إساءة معاملة الزوج أو عدم النفقة والبخل، أو بروز جانب العنف الجسدي والنفسي، أو العجز الجنسي، أو الإدمان، وما شابه ذلك، فعندما تطلب الزوجة الطلاق ولا تحصل عليه لسنوات، تتعرض خلالها لسلسلة من المتاعب والمعاناة؛ نتيجة لمماطلة الزوج، وأيضاً لأسباب عديدة، حسب نفسية ذلك الزوج، وبناءً على ذلك تزيد عليها الأعباء المالية وتدفع ثمن تأخير الإجراءات القضائية، وطوال فترة التقاضي، وقد تتعرض لعدة إشكاليات وضغوط تمنعها من المطالبة بحقها، وتعيش بذلك حياة المرارة، وهي مسائل لا علاقة للمرأة بها، مما يجبر بعض النساء حتى تتخلص من كابوس العلاقة الزوجية إلى طلب «الخلع» بدلاً من الطلاق، حيث إن إجراءات الخلع تكون أسهل وأسرع من إجراءات الطلاق، مما يعرض حقوقها والمتمثلة في النفقة وحضانة الأبناء للضياع. ويجب في مثل هذه الحالات أن يكون للقضاء دور في الحد من هذه الظاهرة التي تستغل ضعف المرأة، وهو نوع من الظلم الذي لا يرضاه الله سبحانه وتعالى. وتكمن حكمة مشروعية الخلع في إيجاد مخرج للمرأة في حالة كراهيتها للبقاء مع زوجها كراهية طبيعية غير ناشئة عن سوء معاملة أو عشرة، فمن الظلم أن تخالع المرأة زوجها، الذي يسيء معاملتها ولا يحسن عشرتها بأي شكل من الأشكال ولأي سبب من الأسباب؛ لأن في ذلك الوقت تنفصل عنه بالطلاق، فلا تعاقب المرأة المتضررة من زوجها بسلسلة من التنازلات والضغوط المعنوية والنفسية والاجتماعية، وقد تكون عاجزة عن دفع المبلغ الذي حدده لها، رغم أنه من المفترض أن ترد له مهره فقط، خاصة أنه قد لا يكون لديها دخل تعتمد عليه، لحظتها قد تلجأ إلى الديون، أو أنها ستظل قابعة تحت سيطرة الزوج وتسلطه، دون أن تتمكن من تحرير نفسها. فالخلع هو السلاح الأخير الذي تدافع به المرأة عن نفسها أمام رجل كرهت أن تعيش معه تحت سقف بيت واحد، فتتنازل عن حقوقها مقابل حريتها، باعتباره السبيل الوحيد لانعتاق المرأة من حياتها الزوجية التي تعيشها وهي كارهة لزوجها، مع إصرار الزوج على عدم إخلاء سبيلها وتسريحها بإحسان. إن الخلع كما عرفه الفقهاء هو الطلاق بفدية من الزوجة الكارهة لزوجها، فالمرأة إذا كرهت زوجها لضعف دينه أو كبره أو ضعفه ونحو ذلك، وخشيت ألا تؤدي حق الله في طاعته، والقيام بواجبه، جاز لها أن تخالعه بعوض تفتدي به نفسها منه، فيأخذ الزوج عوضاً ويطلق زوجته، سواء كان هذا العوض هو المهر الذي كان دفعه لها حسب تقدير القاضي. ومع الأسف بعض الرجال يأخذ الخلع تجارة مربحة، فهو يتزوج المرأة، وبعد أن يستمتع بها ويؤذيها، يحصل على ما دفع من مهر ويطلب مبلغاً إضافياً ويأخذ ثمن حريتها وراحتها، ثم يتزوج بأخرى بمال الأولى وهكذا..