وما أدراك ما العناد

أميمة عبد العزيز زاهد
| أسباب العناد كثيرة وتختلف مظاهره حسب طبيعة الأشخاص، فقد يصل العناد إلى حد المكر عند البعض، كما يحاول الشخص العنيد فرض رأيه بكل ما أعطي من قوة على كل من حوله، ويصر على المضي بوجهة نظره ويكابر بدون أسباب مقنعة، ويعتقد بأنه لو تنازل عن رأيه فذلك سيقلل من شأنه، فهو لا يملك القدر الكافي من المنطقية ولا العقلانية، ويظن أن رأيه دائماً على صواب، وينكر رأي الآخرين ويتهمهم بأنهم لا يفهمون، وهناك من يعاند لمجرد أنه يسير تحت شعار خالف تعرف، أو قد يكون لضعف شخصيته، فيعوض نقصه بإظهار قوته بهذا الأسلوب كما يتوهم. وكلٌ منا قد يعاند في بعض المواقف، ولكن في نفس الوقت هناك مساحة للأخذ والعطاء وفرصة لأن نتكلم، وننصت لنفهم؛ لأن العناد داء خطير لو تفشى في حياتنا فسيؤدي في لحظة إلى تدمير مشاعر الحب، ويخلق أزمة من الصعب حلها؛ لأنها قد تصل إلى مرحلة خطيرة لإثبات الذات والدفاع عنها، وهو مؤشر لنهاية العلاقة، أي علاقة، وأهمها العلاقة الزوجية إذا كان أحد الطرفين لديه هذه الصفة، وأحياناً يكون الرجل أكثر عناداً من المرأة؛ لأنه تربى على أن الكلمة كلمته ولا يمكن لكلمته أن تنزل الأرض، وأنه صاحب القرار الأول والأخير في المنزل، والذي يرجع فيها بأن سبب عناده هي الزوجة عندما لا تسمع كلامه ولا تطيعه، كما وقد يشكو الزوج من عناد زوجته وتصلب رأيها، وفي نفس الوقت ترى الزوجة بأن العناد هو السلاح الوحيد الذي تدافع به عن نفسها أمام تعنت زوجها واستبداده، وتظل متمسكة برأيها عندما تشعر بأن زوجها لا يحترمها ولا يقدر رأيها، وقد تضغط عليه بشتى الطرق ليوافق على طلباتها، ونجدها تلجأ إلى الرفض السلبي لما تراه لا يتوافق مع أسلوبها ومشاعرها، وهنا يحدث التصادم بين جذب وشد كرد فعل منها على تحكمه في كل صغيرة وكبيرة، مما يدفع بالحياة الزوجية إلى طريق شائك. والحياة لا تخلو من المخاطر والمواقف الانفعالية، ولا بد من الحوار الهادف والإقناع، والأخذ بالرأي الصواب سواء كان من جانب الزوج أو الزوجة، فاختلاف الرأي لا يفسد للود قضية، كما يقولون، ومما يساهم في استمرار العلاقة الزوجية بكل حب ومودة واحترام عندما تكون قائمة على التفاهم والوضوح والتضحية، والتسامح والتجاوز عن الهفوات، والتغاضي عن الزلات؛ لأن الزواج مؤسسة غير قابلة للإصلاح أو الترميم لو خسرت أو أفلست، ويعتبر العناد بين الزوجين من أحدهما أو كليهما أحد أهم الأسباب الرئيسة لتفاقم المشكلات بينهما، فتصيد الأخطاء والمشاجرات المستمرة يسرع بتصدع كيان الأسرة، ويشتت شمل أفرادها لما يترتب عليه من آثار نفسية وتربوية وانفعالية تخلفه على الزوجين والأبناء. ولابد أن نعيد لحياتنا البسمة، ولقلوبنا الراحة، ولنفوسنا السعادة، ويحتاج ذلك إلى تدريب أنفسنا على الصبر والحلم، وقليل من المرونة واللباقة، فكلمة حب ولمسة ود وهمسة حنان، تقتل العناد في عقر داره