بوح اعتذار

محمد فهد الحارثي

اعذريني إذا رحلت، فالبتر أحيانا يكون هو العلاج. اعذريني إذا رحلت، فأنا أغادر وأترك بعض نفسي، وشيئا من أحلامي،  وكل مشاعري. هل رأيت يوما شخصاً مجرد بقايا إنسان!. الحلول الحتمية صعبة، لكنها أحيانا تكون المصير. حينما نلتقي بشخص مختلف، يمثل الرقي في أجمل صوره، ويختصر البشر في ذاته. يجمع الطفولة مع الذكاء، والحب مع العقل، والتوازن مع الاندفاع. ماذا تتوقعين من شخص عاش حياته بعيدا عن خياراته. يبحث عن حب، ويدفع ضريبة مجتمع قاس، وفكر جامد، وتناقضات لا تنتهي؟ 

الرحيل منك صعب، والاستمرار معك أصعب. كيف يمكن لي أن أسمو إلى عالمك الراقي، ومعدنك النقي. أشخاص قلائل من يملكون هذا الفضاء الرائع، وهذا الإحساس النادر. تعلمت منك الألوان الأخرى للحياة. كانت الحياة بالنسبة لي لوناً رمادياً، شيئاً ما بين اللونين. معك اكتشفت ألوان التنوع ولغة الضوء. اكتشفت أن جمال قوس قزح ليس فقط في خطوطه، بل في ألوانه. وأن الحياة تمنحنا متعة التنوع. مشكلتنا أننا نحن من نتجمد في قوالبنا التي لا تتغير. كم هو عصي أن تعود إلى اللون الرمادي، بعد أن تكتشف متعة الألوان. كم هو صعب أن تعود إلى القالب الواحد، بعد أن تكتشف العالم بكل ما فيه من تنوع وجمال وثراء. 

أطول مسافة في الكون هي الخطوة الأولى بعيداً عنك. كيف تبتعد عن النبع، وأنت تشتكي العطش؟ كيف تترك النور، وأنت تعاني عمرك من الظلام؟ اسمحي لي، فأنا حالة صراع، ما بين أنانية مفرطة، وضمير يقظ. نعم، أحيانا العدالة تفقد طريقها.

لا أدري هل الرحيل منك، أم إليك؟ ولا أعلم إلى أي الاتجاهات أخذتني أقدامي. ما أعرفه أنني تركت أحلى فصول عمري، وأهم جزء من حياتي، وغادرت.

اليوم الثامن:

لو لم تكوني أنت بكل ما فيك من طيبة وحب ونقاء

لربما استمرت رحلتنا دون تأنيب ضمير وعناء ...