قصة - لينا الحوراني
خالد طفل صغير طمّاع لا يتجاوز عمره الـ 6 سنوات، كان يعيش مع أمّه في منزل صغير، وحيدان بعد وفاة والده، الذي كان كثير الدلال له.
6كان خالد منذ صغره يحب السيارات كثيراً، وكانت غرفة نومه مليئة بالسيارات، من كل الأنواع، لدرجة أن بعضها، كان ينام معه على السرير.
في يوم من الأيّام، ذهب خالد مع أمّه إلى السوق، وعندما مرّا أمام متجر الألعاب الكبير، قال لأمه: أريد سيارة، فردت الأم بتذمّر، لكن غرفتك مليئة بالسيارات، وهي تتعبني في التنظيف، وإرجاعها لمكانها كل يوم.
راح خالد يبكي، وجلس على الأرض يصرخ قائلاً: أنت لا تحبينني، لو كان أبي حياً لكان اشترى لي سيارة على الفور، هأ.. هأ.. هأ.
أسلوب خالد كان يستعطف قلب الأم ويعيد إليها ذكريات من الأحزان، فرضخت لرغبته ، ودخلا معاً متجراً لألعاب الأطفال، ركض خالد في المتجر، وهو ينظر إلى الأرفف المليئة بالسيارات، وهناك سمع صوت سيارة تناديه: "يا خالد .. يا خالد"، فالتفت إليها متعجّباً، وتجاهل الصوت معتقداً أن الأمر مجرد حلم، مشى قليلاً ثم سمع الصوت نفسه، فالتفت مرة ثانية، وإذا بسيارة عجيبة، تناديه: "يا خالد .. يا خالد"، فاقترب منها قائلاً: أنت تتكلمين؟ .. هل أنت السيارة العجيبة التي نقرأ عنها في القصص، فقالت له: نعم أنا.
فسألها خالد: لماذا أنت عجيبة؟ ما الذي يمكنك فعله؟
فقالت السيارة وهي تهزّ إطاراتها: أستطيع أن أحقق لك كل أمنياتك، مهما كانت!!
فقال خالد الطمّاع: حتى لو طلبت منك سيارات العالم؟
تضايقت السيارة العجيبة من كلامه، لاعتقادها أنه سيكتفي بها، لكنها سايرته وقالت له: بكل تأكيد، ورسمت في ذهنها خطة عجيبة.
هرع خالد إلى أمّه وقال لها: أريد هذه السيارة.
نظرت الأم إلى السيارة التي كان سعرها يصل إلى 200 ريال، وقالت له: لكنها غالية الثمن، ألا يمكنك أن تنتقي سيارة أرخص؟.
فنزل خالد على الأرض، وراح يبكي ويقول: أنت لا تحبينني، لو كان أبي حيّاً لكان اشترى لي هذه السيارة العجيبة .. هأ .. هأ .. هأ!!
كعادتها رضخت الأم لمطلب خالد، ودفعت ثمن السيارة، وخرجا من المتجر، وهو يحمل صندوقها بين يديه.
في البيت أخرج خالد السيارة من الصندوق، ووضعها على طاولة مذاكراته المدرسية، ثم أغلق الباب، ووقف أمامها، وقال: أريد سيارة شاحنة، السيارة طبعاً لم ترد .. فعاود الطلب وقال: أريد سيارة سباق، لم ترد السيارة، فقال خالد في نفسه: ربما كان مزاجها سيئاً اليوم، سأوجل طلبي إلى الغد، في الليلة الأولى لوجود السيارة العجيبة في غرفة خالد، نام خالد وهو ينظر من خلال الضوء الخافت إلى السيارة علّها تتكلم.
في الصباح وقبل أن يفكر بغسل وجهه وأسنانه، وضع السيارة على الأرض وجلس أمامها، وقال: أريد سيارة رباعية الدفع.. فلم ترد السيارة، فعاود جملته قائلاً: أريد سيارة كهربائية، السيارة لم ترد طبعاً.
بعد أسبوع من قصة خالد والسيارة العجيبة، أدرك خالد أن أحلامه هي التي تكلمت وليس السيارة، فخجل من نفسه، وقال لأمّه: أمي هل تسمحين لي أن أعطي السيارة العجيبة للطفل فيصل الفقير الذي يقف كل يوم لبيع الأقلام في زاوية الشارع.
استغربت الأم كثيراً من موقف خالد، وقالت له: إذا كانت هذه رغبتك، فكما تريد.
حمل خالد السيارة، ونزل في المصعد، متجهاً نحو الطفل المسكين فيصل، وأعطاه السيارة، فقال له فيصل: هل هي لي؟ فردّ خالد: نعم هي لكن ولكن أحسن استخدامها.
رجع خالد إلى البيت، وهو يفكر بأن ليس كل ما تسمعه حقيقة وليس كل ما ترغب به ممكناً وليس كل ما تحلم به يمكن تحقيقه!