«عزا تايم».. تبلد إحساس أم إدمان؟!

يوميات الناس المكشوفة تعكس عادة سيئة أوجدتها وسائل التواصل الاجتماعي
بعض ملامح التعبير عن العزاء تنتهك خصوصية أهل الفقيد و تعكس لا مبالاة
أحد التعليقات الساخرة في تويتر
ماجد قنش الأهدل
4 صور

«نوم تايم» – «أصحاب تايم» – «غدا تايم»، مصطلحات يتم استخدامها في وسائل التواصل الاجتماعي للتعبير عن يوميّات أصحابها في جوانب حياتهم المختلفة، ولكن عندما يتعلّق الأمر بحدث جلل كموت أحدهم، هل تتغير الموازين الجديدة التي فرضتها تلك الوسائل؟


في الواقع، بعض النماذج التي نراها اليوم مثل:«عزا تايم»، تصوير توزيعات وضيافة العزاء، سيلفي مع الصديقات وقت العزاء أثارت استغراب الكثيرين، فهل نعتبرها لا مبالاة؟ تبلدًا؟ سلوكًا فرضته وسائل التواصل الاجتماعي؟ أم مشاركة وجدانية بشكل جديد؟


التقت «سيدتي. نت» بشابّات لمعرفة رأيهن في الأمر:
قالت هيام الدويك، طالبة، 17 عامًا: «الكبار يأخذونه بطريقة سلبية، شخصيًا قد أقوم بتصوير مكان العزاء وإخبار الآخرين بأنني في عزاء، فأنا أعتقد أن هذا الأمر متوقع جدًا، نحن اليوم معذورون لأن كل شيء على وسائل التواصل الاجتماعي، صحيح أن الناس يستغربون من شخص يمسك بهاتفه وقت العزاء، لكنها في نفس الوقت مجرد وسيلة للتعبير عن الحزن، أو الفرح أو أي إحساس».
قالت أمنية سعيد، سكرتيرة، 23 عامًا: « أُفاجأ أحيانًا بما يُنشر في وسائل التواصل الاجتماعي فيما يخص العزاء، إحداهن، من أهل الميت، صورت نفسها مع صديقاتها وكتبت: «شكرًا على حضوركم» أنا مع حرية التعبير، ولكن هذا المشهد أثار استغرابي».


الرأي النفسي
بهذا الخصوص، وضح استشاري علم النفس السلوكي، د. ماجد الأهدل لـ«سيدتي. نت»: «لا يمكننا أن نحكم على هذا السلوك بأنه مرض نفسي أو تبلد، لكنها عادة خاطئة ألِفَها الناس، فللأسف صارت يومياتنا وبيوتنا مكشوفة الأسرار، فقد أصبح الشخص يتباهى في وسائل التواصل الاجتماعي بأنه ذهب إلى المطعم الفلاني مثلاً، ويستخدم مصطلحات دارجة مثل «صحبة تايم»، «نوم تايم»، «عزا تايم»، فقد أصبح الناس يحبّون كشف أسرارهم للجميع، أمّا بالنسبة للتعبير وقت العزاء في تلك الوسائل من هذا النوع المذكور فهي عادة ألفها الناس، وهي مجرّد عادة سيئة بكل المقاييس».

وأضاف: إن بعض الناس ُيظهِرون ملامح العزاء في وسائل الإعلام كي يعرف الناس ويزورونهم للتعزية، وهناك آخرون ممن يستخدمون تلك الوسائل للإعلان عن وفاة أحدهم من باب إبراء الذمة إن كان على الميت حقوق أو غيره؛ لأن تلك الوسائل قرّبت المسافات، فهي عادة وإعلام في نفس الوقت، لكنها للأسف أصبحت عادة أكثر من كونها إعلام.


الرأي الاجتماعي ومن ناحية اجتماعية فقد وضحت الأخصائية الاجتماعية، وعد العتيبي لـ«سيدتي. نت»، أن هذا النوع من التعبير قد يُعتبر نوعًا من لفت الأنظار وطلب نظرة الرضا من المعزّين، وأن التصوير في العزاء يعكس لا مبالاة لإحساس الفقد والحزن، وانتهاكًا لخصوصية أهل الفقيد. وأكدت: «التصوير أصبح في هذا العصر من الروتين اليومي الذي اعتاد الناس عليه، ولكن يجب معرفة الأوقات التي نتوقف فيها عن التصوير والنشر فليس كل ما يحدث يجب أن يُنشر على مواقع التواصل الاجتماعي، وأن الأولى التواصل والمواساة والدعاء للفقيد بدلا من ذلك».


أبعاد مستقبلية
كما أضافت أن ذلك قد يشكل ضغطًا كبيرًا على العائلات الفقيرة مستقبلاً، لأنها ستضع على عاتقها الديون لتقيم عزاء يتماشى مع بقيّة أفراد المجتمع، حيث أفادت أن الظاهرة يمكن أن تشكل خطرًا كبيرًا على المجتمع إذا انتشرت بشكل أوسع، ويجب توعية الأفراد من الناحية الدينية والاجتماعية والنفسية.
هي عادة، أم إدمان، أم شكل آخر من التعايش مع التكنولوجيا الحديثة أو بالأصح الوقوع تحت تأثيرها، ما يتركنا مع الاستفسار المتكرر: إلى أي حد سيتغير شكل التفاعل الاجتماعي بين البشر في المستقبل؟!