وتسرب عمري

أميمة عبد العزيز زاهد

 لم أصدق بأني انتظرتك طوال تلك الأعوام، فهل تصدق أنت؟ أتعرف متى تنبهت لذلك؟ عندما صدمتني الحقيقة وعلمت عن طريق الصدفة بأنك ارتبطت بأخرى، جلست مذهولة من اكتشافي لطول المدة، واسترجعت بكل مرارة الأحداث فقد كنت أنتظر رجوعك، كنت أعيش على أمل أن تنتهي من الدكتوراه، وأن تنتهي ظروفك لتعود، لم أكف عن التفكير فيك، ولم أبعد لحظة عنك، كنت في فكري وخاطري وبالي طوال عشر سنوات، كنت أتحرى أخبارك وأسأل عنك؛ لأطمئن عليك، كنت أقاوم الاتصال بك حتى لا أشغلك عما أنت فيه، وحتى لا تشعر بأني أضغط عليك، كنت أقاوم إحساسًا قاتلاً بحاجتي لك، كنت أسجل كل خاطرة تمر في يومي؛ لأخبرك بها عند عودتك، لم أكن حتى أفكر ولو مجرد تفكير أن أرتبط بغيرك، فقد أغلقت كل باب يفتح أمامي برضا وقناعة، فبابك هو الوحيد الذي كان ينتظر رجوعك، فقد كنت دومًا تقول بأني لك ولن تكون أنت إلا لي، وكنت أكثر إنسانة أعرف من أنت، ومتأكدة من أخلاقك وصدقك، ألست أنت من أقسمت لي بأنك لم تحب غيري ولن ترتبط إلا بي؟ أنت وأنت وحدك من كان يقنعني بالتحمل والصبر حتى يجمعنا الله، وبدوري كنت أعيش بالقوة التي منحتني إياها، وبالوعود والعهود التي ألزمت نفسك بها، كانت ثقتي فيك نابعة من كل كلمة أخبرتني بها، كنت أكذب هواجسي التي كانت تجتاحني، كنت أكذب عقلي في تغيرك؛ لأن قلبي كان يرفض أي اتهام لك بالخداع أو التخاذل أو الخيانة، فقد كنت واثقة بأنك لن ترضى لي الألم، ولكن صدمت صدمة عمري لحظة سمعت بخبر زواجك، لحظتها انهار كل كياني واهتزت كل مفاهيمي واغتيلت أحلامي، وشعرت بأنك استنزفتني وضيعت سنوات عمري في انتظارك، لماذا لم تمتلك الشجاعة لتخبرني؟ أم أنك كنت خائفًا من مواجهتي؟ تٌرى أي قلب أصبحت تمتلك يا من كان قلبه ينبض بحبي؟ وأي عقل أصبحت تفكر به يا من كان عقله يخطط للبيت الذي سيجمعنا؟ ترى أي ضمير أصبح يحيا بين ضلوعك يا من كان صوت ضميره لا يهدأ لو خرج حرف يهدد راحتي؟ لقد وهبتك عمري الذي صدق وعودك وانتظر رجوعك.

لا أدري أي مبررات أبررها لكياني وأنوثتي ومشاعري وعواطفي عن ما فعلته بهم.

هل العيب في أم فيك؟ وما تفسيري لكل ذلك الحب الذي تغلل في أعمق أعماقك؟ هل اكتشفت بأني لم أعد أناسبك؟ ألهذه الدرجة كان الأمر عاديًا وكأن شيئًا لم يكن؟ ليتك كنت أخبرتني منذ سنوات، ليتك فعلتها وكنت قتلتني مرة واحدة فقط، ليتك تذكرت أن الصدق منذ بداية اتخاذ قرارك كان أهون علي مما أشعر به الآن.

سيدي مهما كانت الأسباب ومهما كانت الظروف لن أسامحك على سنوات عمري التي ضاعت مني، لن أسامحك على تضييع فرص سخرها الله لي ورفضتها من أجلك، حتما سنتواجه يومًا أنا وأنت، ليس هنا، ولكن هناك في دار الحق؛ لأعرف لماذا فعلت ما فعلت..