أفضل علاج للقلب

أميمة عبد العزيز زاهد

 

إن قلب الإنسان هو ذلك الجزء الصغير، والذي حيَّر العلماء ولازال يحيرهم؛ ففي كل يوم تكشف لنا الأبحاث الطبية شيئًا جديدًا عن القلب وأمراضه وعلاجه وتأثيره الحاسم على حياة الإنسان، وكما نعلم إذا كان قلب الإنسان بخير؛ فلا بد أن بقية أعضاء جسده ستكون بخير، أما إذا اختل توازن هذه العضلة؛ فإن ذلك سيؤثر على الجسم كله؛ فإن تعطل القلب وحركته، أو حدث أي خلل فيه، سيؤدي ذلك إلى خلل في الدورة الدموية، وبالتالي خلل في نظام غذاء أجهزة الجسم، وبالنتيجة سوف يمتد الخلل لكافة أعضاء الجسد، إذن صلاح هذه المضغة وهي القلب، يعني صلاح الجسد كله، وفسادها يعني فساد الجسد كله، نعود ونتذكر حديث الرسول الكريم، عليه الصلاة والسلام: «ألا إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب»، هذا الحديث موافق للحقائق الطبية الحديثة، والتي تقرر الأهمية الفائقة للقلب وصحته وسلامته، وتأثير ذلك على جسد الإنسان وصحته بشكل كامل، ولنتأمل عظمة الإعجاز الإلهي في عضلة لا يتجاوز حجمها قبضة اليد، ووزنها ثلث الكيلو غرام، تقوم بضخّ الدم والوقود والغذاء إلى جميع أجهزة الجسم، عبر شبكة من الأوعية الدموية طيلة حياة الإنسان؛ فتبارك القائل: (صنع الله الذي أتقن كل شيء)، وإذا كان علماء الغرب يتحدثون عن تأثير الموسيقى على الأمراض، وقالوا إن بعض الترددات الصوتية تؤثر على مناطق معينة من الدماغ فتنشط الخلايا وتجعلها أكثر قدرة على العمل بكفاءة، وترفع من قدرة نظام المناعة لدى المريض؛ فإنهم لو جرَّبوا القرآن، لكانت النتائج مبهرة! إن الله تعالى قد فطر كل خلية من خلايا دماغنا على صوت القرآن؛ فإذا ما استمعنا إلى القرآن، شعرنا بالحنين، وقد ثبت أن بعض الترددات الصوتية تؤثر في عمل القلب وتساعد على استقراره، وهل هناك أفضل من صوت القرآن وأثره العظيم في الشفاء؛ فهو ليس مجرد نغمات موسيقية؛ بل هو كلام له معانٍ ودلالات، ولحروفه قوة تأثير على الدماغ والقلب، ولذلك قال تعالى: (الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ)، والقرآن فيه شفاء للمؤمن وخسارة للكافر، قال تعالى: (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآَنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا)، ومن يتأمل القرآن، يلاحظ أن كثيرًا من الآيات تأمرنا بالصبر وعدم الغضب، والتسامح والعفو، ومن هذه الآيات قوله تعالى: (فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ)، ويقول في حق المتقين الذين وعدهم جنات عرضها السماوات والأرض: (وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)، وأفضل طريقة لعلاج الضغوط النفسية هي العفو؛ لأن الله تعالى يقول: (وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ).

فجزء كبير من الضغوط اليومية التي يتعرض لها الإنسان، سببها الإحساس بالظلم وعدم القدرة على النيل من الآخرين، ولكن بمجرد أن يمارس الإنسان «العفو»؛ فإن المشكلة تأخذ في نفسه منحنى آخر، نسأل الله تعالى أن يثبت قلوبنا على الإيمان، وأن نكون من الذين قال فيهم: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آَيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ). .