أخرجت محفظتك، تناولت بطاقة الصراف الآلي، وضعتها في الجهاز المعلق على الحائط أمامك، كتبت رقمك السري، ثم سحبت المبلغ الذي تحتاجه من حسابك. ولكن لحظة، هل فكرت وأنت تفعل هذا الأمر بشكل يومي تقريباً، بقصة الصراف الآلي، من اخترعه وأين كان أول جهاز. قد لا يخطر ببالك أنه بتاريخ هذا اليوم 2 أيلول-سبتمبر قبل 80 عاماً تم تركيب أول آلة صراف آلي في الولايات المتحدة. فكر مرة أخرى، وإليك تاريخ هذا الجهاز الذي لا يمكن الاستغناء عنه في وقتنا الحاضر.
80 عاماً على الصراف الآلي الـATM...
بحسب ما نشره موقع «أراجيك» عن تاريخ الجهاز، فقد كان العالم والمخترع الأميركي لوثر جورج سيمجيان، أحد الأشخاص الفريدين الذين كانوا يريدون صنع المستقبل في العقود الأولى من القرن العشرين الماضي. وعليه، تخيل وجود جهاز موجود في حفرة بالجدار، يسمح لنا بسحب المال منه وقتما نشاء دون الحاجة إلى دخول البنك. وفعلاً اخترع جهازاً كهذا، وتمكن أن يُقنع إدارة بنك نيويورك سيتي بهذه الفكرة.
بعد اختراع سيمجيان لآلته الجديدة، تم في الثاني من أيلول-سبتمبر عام 1939 تركيب أول جهاز صراف آلي في التاريخ، وكان في مدينة نيويورك الأميركية، ولكن رغم سقف التوقعات المرتفع لهذا الاختراع الجديد، إلا أنه أزيل بعد 6 أشهر فقط من تركيبه. ليس بسبب مشاكل في كفاءة عمله، بل لقلة إقبال زبائن البنك عليه. ولذلك لم يشتهر العالم الأميركي ذو الأصول الأرمينية بهذا الاختراع، الذي لم يعاود ظهوره بعد ذلك.
فكرة الصراف الآلي تعود من جديد
بعد فشل لوثر سيمجيان بانتشار اختراعه، ظلت فكرة الصراف الآلي غائبة طوال 25 عاماً، حتى جاء الأسكتلندي جون شيفرد بارون في منتصف عقد الستينات، واخترع جهازاً جديداً للصراف الآلي انتشر بشكل واسع للغاية في أوروبا، حتى أن الكثيرين حول العالم يعتقدون بأن بارون هو مخترع هذه الآلة، بعد غياب اسم سيمجيان قبل أكثر من عقدين ونصف من ذلك التاريخ. وكانت قد واتته فكرة هذا الجهاز، عندما كان محتاجاً للمال ووصل إلى البنك بعد دقائق قليلة من إغلاقه. وفكر حينها، إن كان بإمكاننا أن نسحب لوح شوكولاتة من جهاز آلي في أي وقت، لماذا لا نستطيع سحب المال...؟
توجه بارون إلى بنك باركليز البريطاني، وعرض عليهم الفكرة، وعلى الفور نال الموافقة عليها، واستغرق منه الأمر عامين لاختراع آلة سحب أموال سهلة الاستخدام. وفي 27 يونيو (حزيران) عام 1967. تم تركيب أول جهاز صراف آلي بمدينة إنفيلد شمال لندن. وكان الممثل الكوميدي البريطاني الشهير حينها ريج فارني، أول من يستخدم جهاز الصراف الآلي كنوع من الدعاية. وقبل اختراع البطاقات البلاستيكية الممغنطة، كان الناس يسحبون أموالهم من الصراف الآلي بعد إدخال رقمهم السري، عبر إدخال شيكات خاصة معالجة بمادة كاربون 14 المشعة، ومن ثم يعمل الجهاز على إخراج المال لهم بعد تعرفه على الشيكات.
الرقم السري وحكاية الأرقام الأربعة الطريفة
في بداية الأمر اقترح جون بارون أن يكون الرقم السري مكوناً من 6 أرقام لحماية أفضل، لكن زوجته كارولين لم تستطع تذكر رقمها، لذلك اقترح تعديله إلى 4 أرقام فقط ليكون أكثر سهولة لزوجته... ولباقي العملاء. واستمر الأمر حتى يومنا هذا ولم يتغير.
هكذا بدأ الصراف الآلي يتطور...
خلال الفترة نفسها، وعلى يد أسكتلندي آخر يعمل مهندساً ويدعى جيمس جودفيلو، تم تصميم جهاز آخر مختلف قليلاً عن جهاز جون بارون، حيث كان لاستخدام الجهاز يجب الاستعانة ببطاقة بلاستيكية مثقوبة. ولم يتوقف تفكير جودفيلو عند هذا الحد، بل وفكر أيضاً في طريقة لإثبات هوية المستخدم، حتى توصل في العام 1966 إلى رقم التعريف الشخصي المعروف بـPIN.
منذ ذلك الوقت، لم يتوقف جهاز الصراف الآلي عن التطور يوماً بعد يوم، حتى وصل إلى ما نعرفه الآن في وقتنا الحاضر. ورغم أن كثيرين لا يدركون فضل لوثر سيمجيان في هذا الاختراع الثوري، إلا أنه كان الخطوة الأولى، وأول من فكر بالتفكير خارج الصندوق وخارج جدران البنوك. لتنطلق شرارة هذا الاختراع من مكان إلى آخر، حتى غطت كل شارع وزقاق في مدن العالم.