«سرُ جدتي»

«سرُ جدتي»

 

إهداء إلى جدتي

ليتني يا جدتي.. أعلمُ..

إن كنتِ على هذا السرير..

كالطفلة في جهلها.. تنعَمين..

و ما الخرفُ إلا أسطورةٌ.. 

ابتكرها أحد المتفلسفين!

أريد أن أصدِّق يا جدتي.. 

أنكِ تنظرين إلينا.. وتتبسمين..

كالطفلة أضاعت من الأشياء أسماءها..

تتأملين ولا تأملين..

أريد أن أصدِّق..

 أنّا لا ندرك.. إلى من تتحدثين..

وأنك فعلاً تتحدثين..

أخبرينا يا جدتي..

أنكِ تُبصرين.. وتسمعين..

وأنكِ لستِ تسرحين.. لكنك مشغولةٌ عن عالم الناضجين..

المتذمرين.. المزعجين.. عن عالم الأفراد.. المتفرقين!!

طمئنيني يا جدتي.. 

وانقذيني من جموع المشفقين..

عن تكرار أحاديثهم.. عن شبابك..

المُقارنين.. المترحمين!!

طمئنيني أنكِ.. 

أسعد أسعد الحاضرين..

قولي لي.. يا جدتي.. ما بياض حرائرك..؟!

وما نحول عودك؟! وما اختفاء أسنانك؟!

أصدقًا ما يُشاع هنا.. 

تُسلمين ودائعك..

وقريبًا ترحلين؟!!! أخبريني.. جدتي

 

 نوف محمد الراجح

 

 

جشع الفقر !

 

الكل يستمتع بمكافئته إلا أنا، يلبسن أجمل الثياب ويتعتقنَّ بأجمل الحلي، وبعبق أنفس العطور يتسابقنَّ، وأبقى خارج المنافسة أعض شفتي بحسرة، وألوم لقمة العيش الصعبة، كي لا تضطر أمي أن تعمل كـ(مستخدمة) في إحدى المدارس،

ذات يوم رأيتهنَّ يتباشرنَّ نزول المكافأة رغم أنهنَّ من بنات كبار تجار البلدة، رصصت على أسناني بضيق.. مكافأتي تضيع على حاجيات البيت وفواتيره وهنَّ يفرحنَّ بها لشراء ما طابت به أنفسهنَّ..اشتعلت الغيرة في قلبي.. لذا قررت أن أجعل أسعار حل الواجبات نارية لمن يريدونها جاهزة، أنا أتعب وأكابد ولا ألقى إلا حفنة من الريالات يرمينها لي، وكأنهن يرمين عظمة لكلبٍ ضال!.. هكذا سأكسب سريعًا من وراء مُحِبات الكسل.

سمعت غادة تخبر صديقاتها أنها ستذهب للسوق برفقة بنت خالتها.. فجن جنوني؛ أسهر الليالي أمام شاشة الحاسوب أعدل وأرتب لها ما تريده وأقف بالساعات أمام كومة كتب مكتبة الجامعة أنفض عنها الغبار وأتقصى معلومة من هنا وهناك، وهي تجوب في الأسواق لكي تلبس حلة جديدة تثير بها حسرتي.. حينما عرفت أنها لا تستغني عني جربت أن أرفع سعر خدماتي قليلاً لها، لكني خفت أن تتركني وتتوجه لإحدى مكتبات خدمة الطالب.. لكن ليحصل ما يحصل، روعة المال أعمت بصيرتي فرفعته لسعر خيالي كما تقول..!

رفضتِ تسعيرتي فأغلقتُ منها الهاتف، وأنا شبه مصرة على موقفي، لم تلبث إلا دقائق حتى تراجعت عن موقفها، وتأكد لي أنها لن تستغني عني أبدًا..

- أنت طماعة!

-  لست كذلك.. ثم.. ليس ذنبي أنها مقصرة وتحتاج لي كي تنجح!

- صدق من قال الحاجة أم الاختراع..

يظنني خالد أني أستغل حاجتهنَّ لي.. ولا يدري عن الألم الذي أقاسيه إذا رأيت نفسي أقل من زميلاتي.. ولا يعلم أن أخته في الصف الأخير من طابور الموضة!

في المحاضرة الأخيرة نادى دكتوري على غادة من بين كل طالباته، وقال لها على مسمع الجميع: «بحثك رائع يا ابنتي  تستحقين الدرجة الكاملة.. رغم أن جميع ما قدم لي كان بمستواه لكن هو نموذجي من بين البحوث كلها.. أنا متشوق لتصحيح إجابتك للامتحان النهائي.. بوركتِ،» وهي ترد مديحه بابتسامة نصرٍ بظل سخرية موجه لي.. فأغمضت عيني بقوة، وهما تفوحان كماء يغلي، وأتألم بكمد المقهور، مرددة بنفسي قول من قال: آآآه "لو كان الفقر رجلاً لقتلته"

 

أضواء محمد الوابل

 

آه لو تدرين ...!!

 

آه لو تدرين يا بهجة سنيني أن صوتك يريح قلبي

أو تشعرين بالشوق الذي يعصر قلبي

لو تضعين يديك على قلبي

لتشعري كيف تزداد نبضاته وبجنون

ولعرفتِ أن في الحب عذاب

وأن دواء عشق الأحباب أحباب

آه لو تضعين يديك ِعلى جراحي النازفة

لتدركيِ معاناتي في انقطاع  صوتكِ الحزين

ولطلبت من الهوى أن يجعل الليل سرمديًا

آه وألف آه يا معذبتي

 لو تعرفين ماذا يفعل صوتك بي؟

 ما إن أسمعه حتى يبدأ قلبي بالارتعاش ولهيبه يحرقني

أهديك هذه الكلمات احفظيها كذكرى لبقائي

يا سيدة ملكت مفاتن الجمال

وأعربت عن مشاعرها خجلاً

وتلعثمت أمام عباراتي سكوتًا

لتشعل قناديل أملي في الحياة

بعدما قتلوا وصادروا كل أملٍ كنت أملكه في حياتي

وزرعوا في طرقي خوفًا وألمًا

وباتوا يهددون ويتوعدون ويمكرون

وقلبي مازال رافضًا أن ينهزم لهم ويخضع

آه يا من جعلت أسراب السعادة تتجسدني

 لو تضعي يديك الدافئتين على قلبي الحزين لحظة

واحدة وتهمسي لي كل عبارات الحب دفعة

لملكتُ العالم أجمع ولدخلت الشعر من أوسع الأبواب

وبنيت عاصمة أبدية لكِ من غير أن يزاحمكِ أحد

احمد نيمر